المساء
السيد العزاوى
الرسول وأيام الصبر وتحمل الإيذاء قبل رحلة الإسراء والمعراج
علي مدي التاريخ وتوالي الأيام سوف يظل سيد الخلق محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم نموذجاً وأسوة حسنة في الصبر وقوة الاحتمال في مواجهة الشدائد وتحمل الإيذاء من الخصوم والأعداء لدعوة الحق التي جاء بها مبشرا ونذيرا. كما يظل الرسول الكريم قدوة لكل من أراد الاصلاح والعمل الجاد لبناء الأمة أو المشاركة في نهضة المجتمع. لقد كان الرسول سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم قويا في مواجهة الشدائد صلبا يتحدي بصبره أقوي الصعوبات وأشدها ألما علي النفس لم يهن ولم يضعف بل كانت التهديدات التي واجهها تزيده قوة وصموداً. الصبر وسعة الصدر وحسن الخلق كانت من السمات الطيبة التي تحلي بها الرسول في الأيام التي وقف فيها الخصوم ضده بكل شدة وبلا مبالاة.
تجسدت هذه الأخلاق الكريمة وذلك الفيض من الرحمات حين كان الرسول صلي الله عليه وسلم في رحلة لأهل الطائف تلك المدينة القريبة من أم القري وذلك لكي يعرض علي أهلها دعوته للحق وعبادة الله وحده بكل آداب التخاطب مع كل من تقابل معه من أبناء هذه المدينة لكنهم مع شديد الأسف وقفوا في طريقه بكل ألوان الصلف والغرور. تحديات ولغة متدنية بإسفاف منقطع النظير في حرص وحذر من انتشار دعوته بين الأهل والأقارب والأكثر إيلاما انهم حرضوا الشباب لمطاردة الرسول والقائه بالحجارة وبسفاهة القول في محاولة مستميتة لإثنائه عن المضي في دعوته. لكنه وقف صامداً في مواجهة مختلف صفوف الإيذاء وسفالة القول. لم يعبأ بهؤلاء. وإنما واجه التحديات متذرعاً بالصبر وقوة الاحتمال متجها إلي الله بكلماته الطيبة ومنها ذلك القول المأثور "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون" يتجه إلي الله عز وجل بهذه الكلمات وذلك الرجاء وعندما ألح عليه أصحابه أن يدعو علي قومه لشدة ما يلقونه من بطش وجبروت وعذاب من هؤلاء الظلمة كان يدعو لهم بالهداية..حقا انه رحمة من ربنا للعالمين!!
تجلي هذا الصبر وقوة الاحتمال حين جاء جبريل عليه السلام قائلا: يا رسول الله ان الأوامر الإلهية قد صدرت بأن أحمل الجبلين لو شئت لأطبق بهما علي هؤلاء المعاندين فأطيح بهم بعيدا عن طريقك لكن جاء رد الرسول الكريم في منتهي الرحمة والشفقة.. قال صلي الله عليه وسلم: "دعهم يا أخي يا جبريل لعل الله يخرج من أصلابهم من يعبد الله وحده" بعد أن سمع جبريل هذه الكلمات أخذ يقول صدق من سماك الرءوف الرحيم كما جاء في آخر سورة التوبة: "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم. فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم" هذا الصبر وقوة الاحتمال في مواجهة الشدائد لم تخرج سيد الخلق عن طيب عنصره ورحمته في سبيل نشر الدعوة لعبادة الله وحده من شخص الرسول الكريم الذي تفرد بالرحمة والدعوة إلي الحق بالرفق والحنان والنظر إلي المستقبل بأمل ورجاء. انه نموذج وقدوة ومثل لأبناء أمته لكي يتعاملوا فيما بينهم بالرحمة ويتعلموا من هدي السماء ووحي الله لأنبيائه.
هذا الطريق وذلك الأسلوب الذي سلكه رسول الله صلي الله عليه وسلم كان بتوفيق من الله عز وجل وكان التكريم نتيجة لهذا الصبر وتحمل الايذاء ومواجهة الابتلاءات بصبر وحكمة وسعة صدر قائلا: "ان لم يكن بك يارب عليّ غضب فلا أبالي" كان العطاء الالهي والتكريم من رب العالمين من فوق سبع سماوات تجسد ذلك في رحلة من أم القري إلي المسجد الأقصي بأرض الشام. رحلة فوق ظهر البراق في حراسة جبريل وأمين وحي السماء وحملت آيات القرآن الكريم هذا التكريم في قوله تعالي: "سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير".
رحمات رب العالمين أحاطت برسول الله صلي الله عليه وسلم وشملت أصحابه وأتباعه الذين آمنوا بدعوته وتحملوا المشاق وصنوف الأذي بقول ربنا في سورة الأنفال: "وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون" أرأيتم كيف صبر الرسول ورحمته الطريق لهذا التكريم. فالفرج قرين الصبر. وتحمل الأذي في سبيل دعوة الحق ثمرته الفلاح والنجاح. لعل هذا النموذج وتلك القدوة والأسوة الحسنة لرسول الله صلي الله عليه وسلم تكون دافعاً لكل من آمن بهذه الرسالة المحمدية لكي يتحلي بالصبر وحسن الخلق "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا" ليتنا نتعلم ونستوعب هذه الدروس وتلك السلوكيات الطيبة في حياتنا والله يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم. ودعونا نستلهم هذه الذكريات الطيبة في لقاء آخر بإذن الله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف