أمال عثمان
أوراق شخصية - استغاثة من قلب الليل إلي وزير الداخلية
في الوقت الذي نعاني فيه جميعا من الظروف المعيشية الصعبة، والارتفاع الجنوني في أسعار كل مستلزمات الحياة الأساسية ، ووسط ما يتكبده المواطنون من أعباء إضافية بسبب رفع أسعار البنزين والكهرباء والمواصلات ، هناك فئة من المصريين لم تمتد إليهم المعاناة، ولم يتأثروا بالأعباء المالية مثل غيرهم من أفراد الشعب، بل أنهم لم يجدوا صعوبة في توفير الاحتياجات الترفيهية واللهو والعبث، وفي الإنفاق علي »السرمحة »والهزل والمزاج ، وكأنهم يعيشون في بلد غير بلادنا، ويتمتعون برفاهية ورغد عيش ليس له علاقة بحدود الدولة التي ننتمي إليها جميعا!!
هؤلاء السادة يبدأون يومهم مع هبوط الظلام مثل »الخفافيش» و»الجرابيع»، ويمارسون نشاطهم وصخبهم في كبد الليل مثل »البوم» و»الوطاويط»، وينتعشون وينتشون حين يسكن الناس إلي بيوتهم ويستسلمون للراحة والنوم ، بعد تحمل عناء يوم طويل من العمل والزحام والفوضي المرورية والأخلاقية ، وكأن عقارب الساعة تسير للخلف، ونواميس الكون وقوانين الطبيعة تتغير وتتبدل وتتطوع لرغباتهم!!
سيادة اللواء مجدي عبدالغفار وزير الداخلية..لا تتصور ماذا يمارس أولئك الصبية المهووسون يوميا، طوال ساعات الليل وحتي الساعات الأولي من ظهور ضوء النهار، أو ماذا يفعلون بأحد أشهر ميادين العاصمة؟! ولن تصدق كم الصخب والضجيج المنبعث منهم، ومن السيارات والموتوسيكلات التي يتسابقون و»يتسرمحون» بها ليلا وسط عمارات يسكنها مئات البشر، وعلي بُعد خطوات من وزارة الحكم المحلي ووزارة الزراعة وهيئات وبنوك حكومية، وبالقرب من نادي الصيد الرياضي؟!
سيادة الوزير.. إنني لن أتحدث عما يتعاطاه ويشربه هؤلاء الصبية، ولا عن الفساد والممارسات غير الأخلاقية التي تحدث داخل سياراتهم علي مرأي ومسمع من الجميع بالميدان الشهير!! فهذه مهمة رجال الآداب ومن صميم واجبهم، كما أنني لن أتحدث عن السرعات الجنونية التي يقودون بها سياراتهم عكس اتجاه الطريق وهم مخدرون، وصفوف الانتظار في الممنوع التي تغلق الميدان!! فتلك مسئولية شرطة المرور ومن اختصاصها!! ولن أتحدث عن الدخان المتصاعد من الكافتيريا التي تلبي ما يتطلبه مزاجهم وهزلهم، ولا علي التعديات والإشغالات التي تحتل الأرصفة والميدان، فذاك يدخل في حيز مهام عدة وزارات بداية من وزارة البيئة ووزارة الحكم المحلي والمحافظة مرورا بشرطة المرافق بوزارة الداخلية!!
ولكن اسمح لي سيادة اللواء أن أرسل لك من خلال تلك السطور استغاثات مواطنين تحرمهم تلك الكوابيس الليلية من الراحة والنوم، وأنقل توسلات أمهات وصرخات أطفال يحاصرهم الذعر والفزع، وشكاوي أهالٍ ضجوا من أفعال جنونية ترتكبها بشكل يومي شرذمة لا تعرف من الحياة سوي السهر واللهو والعبث والتسابق بالسيارات بشكل دائري حول نفسها، بأصوات العجلات والفرامل التي تمزق سكون الليل، والموتوسيكلات التي تقطع الميدان والشوارع ذهابا وإيابا، مطلقة أصوات الشكمانات الصاخبة، كالطلقات النارية وكأننا في ساحة قتال!
والغريب أن كل محاولات التصدي لهم باءت بالفشل، حتي أن البعض اضطر للهروب والانتقال للعيش في منطقة أخري، والبعض الآخر أصيب باليأس والإحباط من تكرار اللجوء لقسم الشرطة وتحرير المحاضر، ولا أخفي أنني تحدثت مع ضابط عمليات خاصة بالقرب من الميدان، وأبلغني أنه قام بضبط حالات تلبس مرات عديدة في السيارات، بالرغم أن هذه المهمة بعيدة عن اختصاصه، ومع ذلك يعود شياطين الليل لارتكاب نفس الجرائم، وذات الصخب والضجيج والإزعاج في اليوم التالي!!
إننا نتوجه إليك سيادة الوزير بعد أن أعيتنا الحيل وفاض بنا الكيل، وبدأت تترسخ لدينا قناعة بأن هؤلاء »الخفافيش»، يصعب المساس بهم لأنهم أبناء ناس مسنودين من أصحاب سطوة المال، الذين لا يواجهون صعوبة في الحصول علي المزيد من المال بكل الوسائل غير المشروعة!
فهل تجد الرسالة صدي لديكم وتنتهي علي أيديكم أسطورة »خفافيش» الظلام و»جرابيع» الليل، أم إنهم أقوي من القانون؟!!