المساء
محمد جبريل
ع البحري .. أمن إسرائيل القومي
الأمن القومي في معظم دول العالم يقتصر علي الوجود العسكري داخل حدود البلاد. وإن امتدت الاستراتيجية في الدوائر المحيطة.
للدول الاستعمارية تعريفاتها المختلفة للأمن القومي. فإنجلترا تخوض حرباً ضد الأرجنتين للاحتفاظ بجزر فوكولاند الأرجنتينية. بدعوي وقوعها في إطار أمنها القومي.. وحتي أعلن أوباما تصريحاته الأخيرة في اجتماع دول الأمريكتين بتخلي بلاده عن سياستها الاستعمارية إزاء الدول المجاورة. كانت الولايات المتحدة تجد في دول أمريكا اللاتينية جزءاً من أمنها القومي. أو ـ علي حد التعبير الاستعماري ـ حديقة خلفية لواشنطن. كما شمل أمنها القومي التواجد داخل قواعد متناثرة في العالم. الأمر نفسه لفرنسا وغيرها من دول الاستعمار القديم.
لا يختلف اثنان في الدور العظيم الذي أدته مصر ـ منذ ثورة يوليو ـ في إيقاظ الوعي القومي في العالم الثالث. وحصول معظم الدول المستعمرة علي استقلالها. عدا الدول التي حاول المستعمر ـ بالمؤامرات والابتزاز الاقتصادي ـ أن يعود إليها من النافذة. بعد أن غادرها من الباب.
لإسرائيل مفهومها القومي الذي يرفض الاعتراف بالحدود. حدودها ـ كما أعلن بن جوريون ـ حيث يصل آخر جندي إسرائيلي ـ وأمنها القومي يتحقق تحت مظلة الرعب النووي. بالإضافة إلي فرض العنف ومحاولات السيطرة.. الأمن القومي لإسرائيل لا يشمل حدود الدولة التي لم تقرها بعد. ولا يستشرف الآفاق المحيطة بها. لكنه يقوم علي أساطير بالية تجد في حكم اليهود للعالم نهاية لتطورات الأحداث. مفردات الأمن القومي الإسرائيلي تشمل التفوق العسكري. ومحاولات فرض عبرية الدولة. وتدمير المقدسات الإسلامية والمسيحية. وإخلاء فلسطين من سكانها. والاستيلاء علي أجزاء من الأقطار العربية. واللجوء لأحط الوسائل لنشر الأمراض المتوطنة والأوبئة. ورفض الأبحاث النووية السلمية. حتي تظل مظلة إسرائيل النووية وحدها فوق المنطقة. وتضخيم أكذوبة الهولوكست عن اليهود الذين قضوا في ألمانيا النازية. واستصدار قوانين دولية. تدفع إلي المحاكمة من يبدي ملاحظة علي الإرهاب الصهيوني. بتهمة معاداة السامية. وهي تهمة تتناسي أن السامية هي الجذر العرقي للعرب والعبرانيين.
أخطر ما في ظاهرة الأمن القومي الإسرائيلي. ذلك الحرص علي الحياة في الخطر. وهو ما انعكس بالخوف في حياة المواطن الإسرائيلي. الذي يحتفظ بجنسية أخري غير جنسية بلاده. ويعيش في قلق دائم. صناعة الخوف ـ في إجماع المحللين السياسيين ـ هي البعد الأهم في الأمن القومي الإسرائيلي.. مجتمع تدين غالبيته باليهودية. لكن الشعارات الدينية سبيل قادته لتحقيق المزيد من التدمير والإفناء ونشر الاستيطان.. إنهم يدركون جيداً صعوبة استمرار الدولة في ظل السلام. فهم يرفعونه كشعار. لكنهم يقدمون علي الأفعال المناقضة. أذكر موقف زعيم صهيوني ـ لعله وايزمان ـ حين همس لجاره في حفل إلقاء الرئيس السادات خطابه في الكنيست : الآن يجب أن نستعد للحرب!
لن تنزع إسرائيل الإحساس بالخوف من نفوس مواطنيها. ما لم تمتنع عن تصدير الارهاب إلي الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع. وإلي أقطار المنطقة بعامة.. تصدير الإرهاب مثل اليد التي تتجه بالإدانة. يشير أصبع إلي الآخر. بينما تشير الأصابع الأربعة إلي الذات المتآمرة!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف