الوفد
علاء عريبى
ذات سيادة
توقفت كثيراً أمام التصريحات المنسوبة للرئيس الروسى فلاديمير بوتين حول واقعة ضرب أمريكا للمطار السورى فى مدينة حمص، قال: «إن هجمات الولايات المتحدة على سوريا عدوان ضد دولة ذات سيادة»، قرأت التصريح أكثر من مرة، وفى كل مرة أتوقف عند عبارة «ذات سيادة»، ما الذى يعنيه من مصطلح السيادة؟، وما هو تعريف السيادة؟، وهل سوريا بالفعل ذات سيادة؟، وهل البلدان العربية(جميعا) تتمتع كل منها بالسيادة؟
السيادة فى التعريف الدارج هى السيطرة، والدولة ذات السيادة هى المستقلة أو الحرة، غير المحتلة(سياسياً، واقتصادياً، وعسكرياً، وثقافياً)، والتى يفرض نظامها الحاكم إرادته على المساحة الجغرافية، والمياه الإقليمية، وعلى المواطنين، وصفة الاستقلال أو الحرية هنا تعنى أيضا الإرادة المستقلة فى اتخاذ القرار، بمعنى آخر عدم التبعية.
هذا المفهوم لا يختلف كثيراً عما جاء فى القانون الدولي، حيث صنف المشرع المفهوم إلى معنيين، الأول: السيادة الإقليمية، وفيه تتمتع الدولة بمزاولة وممارسة وظائفها وصلاحيتها داخل إقليمها الوطني، دون أن تنازعها أو تتدخل فيها أية دولة أخرى.
المعنى الثانى هو الأهلية أو الشخصية الدولية، وتتمتع فيه الدولة بالقدرة على الدخول فى علاقات واتفاقيات بندية وتكافؤ مع الدول الأخرى.
سوريا كما نعلم جميعا أصبحت مسرحاً لقوى أجنبية، هى استدعت بعضها: روسيا، وإيران، وحزب الله، وبعضها دخل مسانداً للمعارضة: تركيا، وأمريكا، وبعضها يتدخل بأمواله: قطر، والسعودية، وربما الإمارات أيضا، النظام السورى غير قادر على فرض سيادته على جزء كبير من الدولة، حيث تحتل المعارضة المسلحة وداعش مساحات لا بأس بها، كما أنه فقد السيطرة على مياهه الإقليمية، أضف إلى ما سبق أنه لا يمتلك إرادة حرة فى اتخاذ القرار، إذ يشاركه القرار حكومات: روسيا، وإيران، وحزب الله.
نذهب إلى البلدان العربية، بعض أنظمتها سمحت لأمريكا وإيطاليا وفرنسا بإقامة قواعد عسكرية، وبعض البلدان العربية تعيش على المعونة الأمريكية، ومعظمها تدين بالتبعية للإدارة الأمريكية، وهو ما يعنى أن جميع الأنظمة العربية، ناهيك عن الإفريقية، لا تمتلك إرادة حرة فى اتخاذ القرار، إذا أضفنا إلى القواعد والتبعية السياسية، التبعية الاقتصادية يتضح لنا أن جميع البلدان العربية تعيش عالة على ما تنتجه وتزرعه وتصنعه أمريكا وأوروبا، حتى أننا فى الوطن العربى نعيش عالة على ما تنتجه هذه البلدان من العلم، حيث نستورد العلم والتكنولوجيا والغذاء من الغرب، المواطن الأمريكى والأوروبى يصنع ويزرع وينتج ويبتكر ويبدع ونحن نعيش على ما يقدمه لنا.
زمان كان يقال لنا: من لم يمتلك قوته، لا يمتلك قراره، ونحن فى الوطن العربي، لا نمتلك قوتنا، ولا الأجهزة والأدوات التى نحتاجها، ولا حتى نمتلك القدرة على المشاركة فى إنتاج العلم، كل ما استطعنا إنتاجه هو الكراهية، نكره أنفسنا ونكره غيرنا، والله المستعان.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف