الأخبار
جلال دويدار
خواطر - الغارة الأمريكية ألغت وجود الأمم المتحدة
الغارة الصاروخية الأمريكية التي لا تبررها مستندات دامغة.. علي قاعدة الشعيرات السورية تتفق وما ذكرته في مقالي يوم أول أمس الجمعة بعنوان »أمريكا واستقرار العالم.. »‬الميه تكدب الغطاس»‬. أكدت فيما كتبت وقبل هذه الغارة علي ضرورة أن تثبت واشنطن- ترامب.. مصداقيتها في انهاء القلاقل والصراعات المسلحة والقضاء علي الإرهاب في الشرق الأوسط.
علي ضوء ما حدث فإنه لا وصف لهذه الغارة الأمريكية سوي أنها عمل أهوج متسرع لا ينبئ بسلامة النية والتوجه. انها لا يمكن أن تخدم تحقيق مقومات اقرار الأمن والسلام والاستقرار المفقودة في الشرق الأوسط والتي تنعكس آثارها سلبا علي كل العالم.
لا أحد يوافق أو يؤيد تلك المذبحة الاجرامية التي تعرض لها الشعب السوري في المنطقة الواقعة تحت سيطرة الجماعات المسلحة باستخدم الأسلحة الكيماوية.. ولكن ما يجب أن يقال أيضا إن ما قامت به واشنطن لم يعتمد علي نتائج فعلية ومؤكدة لتحقيقات شفافة دولية حول اتهام نظام بشار الأسد وهو ما يعد أمراً غير مشروع وفي غاية الخطورة.
ما قامت به القوات الأمريكية بأمر من ترامب يذكرنا وللأسف بالغزو الأمريكي الجائر وغير المشروع وغير القانوني للعراق الذي أمر به الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش الابن عام ٢٠٠٣. هذا الغزو كما أكدت الأحداث والتطورات استهدف القضاء علي دولة العراق التي مازالت تعيش تداعياته حتي الآن. اتصالا بجريمة غزو العراق فإن محصلة هذه الغارة الترامبية ضد سوريا هو مزيد من التعقيد لمحنتها الانسانية ولسيادتها كدولة موحدة.
ما قامت به واشنطن يدخل في اطار المغامرات غير المحسوبة عواقبها لما يمكن أن يترتب عليها من تطورات ليست في صالح انهاء الصراع في سوريا سلميا ولصالح شعبها ولصالح السلم والأمن العالميين. لا يمكن أن يخفي علي أحد ما يمكن أن تمثله الغارة الأمريكية من اثارة وتحد لروسيا المتحالفة مع النظام الحاكم في سوريا. إن أي خلل في حسابات اثار هذه العملية يمكن أن يؤدي إلي صدام لا يحمد عقباه بين القوتين الأعظم في العالم. قد يكون وراء هذا الهجوم الصاروخي الأمريكي رغبة من جانب ترامب ليقول للعالم وعلي ضوء ما أعلنه من سياسات وأفكار.. أنا هنا!!
المثير في هذا التطور أنه اتسم بالتسرع ودون التأكد من تحديد الطرف الذي ارتكب جريمة استخدام الأسلحة الكيماوية. هذا الجرم أصبح أمرا مشاعا ومشتركا بين كل القوي المتصارعة في سوريا. وقائع مذبحة خان شيخون سبق تكرارها في أكثر من مكان وحادثة مشابهة في سوريا. قد يكون وراء ارتكابها هدف احراج إدارة ترامب استغلالا لما يشاع حول علاقته الحميمة بروسيا.. بما يدفعه إلي مزيد من التورط في المستنقع السوري لغير صالحه ولغير صالح الشعب السوري والتسوية السلمية.
التوقيت والنتائج الوحشية وأهداف هذه الجريمة تضع العديد من علامات الاستفهام والتساؤل عمن يكون صاحب المصلحة في ارتكابها لاثارة الرأي العام العالمي. إن ما يعظم هذه الشكوك وهذه الاستفهامات أنه يأتي في وقت تمكنت فيها القوات الحكومية السورية وحلفاؤها من توجيه الضربات الموجعة والحاق العديد من الهزائم بالجماعات المسلحة والإرهابية التي تمارس نشاطها علي الأرض السورية.
العالم كله يتحدث الآن وعلي ضوء الضجة المثارة حول الغارة الصاروخية الأمريكية عن انعكاساتها علي مصداقية ما سبق وأعلنه ترامب من تصريحات نارية تتحدث عن محاربة الإرهاب والقضاء عليه. من المؤكد أن تحقيق هذا الهدف أصبح أمرا مشكوكا فيه.
حول هذا الشأن لابد أن يوضع في الاعتبار ان ما يجري في سوريا من أنشطة إرهابية هو مصدر أساسي لافراز الأعمال الإرهابية التي تهدد أخطارها كل العالم. انه يعد امتداد لأوضاع الشعب الفلسطيني وما يتعرض له علي يد الاحتلال الإسرائيلي وهو ما أدي -كما هو ثابت ومؤكد- إلي أن يصبح ونتيجة للشعور بالتأس بيئة حاضنة ومُفرخة للتطرف والإرهاب.
الشيء المؤكد انه وإذا لم تتغلب العقلانية والحكمة في سرعة احتواء اثار العملية الأمريكية العسكرية والسعي باخلاص نحو التسوية السلمية.. أن يترتب علي ذلك تلاشي الأمل في توحد العالم ضد الإرهاب. من ناحية اخري فإن الضحية لما جري ويمكن أن يجري هو أمن واستقرار الشرق الأوسط وبالتالي أمن واستقرار العالم كله باعتبار أن لا أحد بعيد عن اخطار الإرهاب الذي لا وطن ولا قيم له. لا جدال ان ما اقدمت عليه واشنطن لا يخدم جهود التسوية السلمية في سوريا. انه يُمثل في نفس الوقت احراجا للاطراف الساعية إلي هذا الهدف.. بل أنه يساهم في افتقاد الثقة حول امكانية قيام الأمم المتحدة بمسئولياتها التي أصبحت في حكم الملغاة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف