أصبحت عبارة "البعد الاجتماعي" مجرد شعار يرفعه الاغنياء للتعايش علي دماء الفقراء.. باتت تلك الجملة مجرد محذر ليستسلم محدود الدخل لحياتهم البائسة في انتظار الهبات الحكومية.. كل الحكومات المتعاقبة تعرف ان عبارة "البعد الاجتماعي" حمي استنزاف لموارد الدولة لكنها عاجزة عن وقف النزيف خوفا من غضب الجماهير.
المسئولون والنشطاء ـ علي حد سواء ـ يستخدمون عبارة مراعاة البعد الاجتماعي لارضاء الناس علي الرغم من انها أسلوب ممنهج لتقنين الفقر وتحويله من ظاهرة اجتماعية يجب القضاء عليها إلي واقع ملموس ينبغي الاعتراف به والتعايش معه.
الدعم الذي يشمل السلع التموينية والطاقة ارتفع خلال 5 سنوات بنسبة 54% تستنزف تقريبا ثلث موارد الدولة حيث كان حوالي 150 مليار جنيه عام 2011 وارتفع إلي 231 مليار جنيه في موازنة عام .2016
وأنا هنا لا أطالب بالغاء الدعم وانما اريد توضيح أن الارقام الرسمية تؤكد أن 48% من أصحاب الدخول المرتفعة يستفيدون من الدعم وأن 74% من غير المستحقين يستفيدون من دعم الرغيف وأن افقر 20% من فئات المجتمع تحصل علي 16% من الدعم في حين يحصل اغني 20% من فئات المجتمع علي 28% من الدعم.
الاغنياء هم الاكثر استفادة من الدعم.. وهم الاكثر دفاعا عن بقاء الدعم بصورته الحالية التي تقتل طموحات واحلام الحاضر والمستقبل.
الحل دائما ليس في زيادة الدعم أو تقنينه وانما في علاج اسباب الفقر من الجذور.. الاجابة دائماً هي رفع مستوي معيشة محدودي الدخل بمشروعات انتاجية وليس في تقديم سلع استهلاكية باسعار أرخص الطريق السليم هو تحويل العاطلين والمتبطلين إلي قوة انتاجية تفيد المجتمع وترفع مستوي معيشة الفقراء.
هناك مثل صيني يقول "لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف اصطاد".. ولو طبقنا مفهوم مراعاة البعد الاجتماعي بصورته الحالية سيصبح المثل "لا تعطني سمكة فقط ولكن معها عيش وسلطة وطحينة وبابا غنوج"!