خيرية البشلاوى
سيناء والسينما .. مشهد آخر هل السينما المصرية مُقصرة في حق سيناء؟؟
بعد أيام قليلة سوف تحتفل مصر بالعيد الثامن والثلاثين لتحرير سيناء "يوم 25 ابريل". ولكن الذاكرة خالية من اسم فيلم يليق بهذا الحدث بالغ الأهمية وأعني تحرير سينا وعودة طابا إلي السيادة المصرية.
يمكننا القول ان الأفلام التي ذهبت إلي سيناء لسبب أو آخر لا يتجاوز عددها أصابع اليدين إلا قليلا ولا يمكننا بنفس راضية ان نختار ما يصلح للعرض علي قنوات التليفزيون احتفالاً بهذه المناسبة العزيزة.
وبالنسبة للسينما المصرية تعتبر سيناء مجرد خلفية للأحداث. أو مكان عابر في حكايات خفيفة ومغامرات ساذجة من دون ان يكون لموضوعات هذه الأفلام علاقة بأهمية المكان التاريخية ولا باعتباره مسرحاً طبيعياً يمتد آلاف الأميال لحروب ومعارك طاحنة. فلم يقترب أي صانع فيلم من طبيعة سكان هذه الأرض المصرية ولا من تقاليدهم ونوع حياتهم. بعض الأفلام التسجيلية حاولت وبعض الأفلام السياحية التي أنتجت في الألفية الثالثة بعد تحرير سيناء لم تتجاوز في معالجتها وتوجهاتها نوعية الأفلام الترفيهية الخفيفة معدومة القيمة وحتي الأفلام التي اجتهدت كي تتجاوز أفلام التسلية سقطت في مستنقع الاستسهال والادعاء.
سيناء التي شهدت صراعات وحروباً وارتوت بدماء المصريين ظهرت ربما في عملين فقط مازالا يحظيان بقدر من الاحترام والأهمية ويدخلان في قائمة أهم الأفلام التي عالجت الصراع العربي الاسرائيلي أو بالأحري المصري - الاسرائيلي وهما فيلم "أغنية علي الممر" "1972" للمخرج علي عبدالخالق عن مسرحية لعلي سالم وسيناريو لمصطفي محرم وبطولة محمودمرسي. وصلاح السعدني. وصلاح قابيل ومحمود ياسين وأحمد مرعي. وفيلم "أبناء الصمت" "1974" للمخرج محمد راضي عن قصة لمجيد طوبيا وبطولة محمود مرسي وأحمد زكي وميرفت أمين ونور الشريف ومحمد صبحي وموسيقي بليغ حمدي وتصوير عبدالعزيز فهمي ومناظر صلاح مرعي ومونتاج أحمد متولي. وبالنظر المدقق في هذه الأسماء سوف نجد انهم مجموعة من أفضل وخيرة العناصر التي تربت واكتسبت حساسية فنية ووطنية في فترة ما بعد هزيمة 1967 ثم حروب الاستنزاف ا لقوية التي مهدت لحرب وانتصار 1973 باختصار أبناء جيل مسئول وأكثر جدية والتزام بقضايا الوطن.
والفيلمان يلقيان الضوء علي بطولات قام بها مجموعة من الجنود المصريين أبان حروب الاستنزاف التي بدأت مباشرة بعد الهزيمة وحتي لحظة العبور وتحطيم خط بارليف.
ولكن سيناء الآن تشهد فصلاً مُغايراً من "حروب الجيل الرابع". حيث الصراع لا يدور بين جيوش نظامية مثلما جري في الصراع مع الدولة الصهيونية وانما مع جماعات إرهابية من جنسيات شتي وبين بلدان عربية وإسلامية وأوروبية تم تدريبهم وتوجيههم وتسليحهم وتمويلهم من جهات ليست بعيدة عن دول بعينها وأجهزة استخباراتية ضالعة لدول كبري.. فالمشهد العسكري تغير في الحرب ضد الإرهاب. والراية ضد الإرهاب. والراية السوداء والبغيضة التي نلمحها شعاراً لفصائل إرهابية توحي بأن الإرهاب المسلح يجاهد من أجل الإسلام ويكرس هذا الهدف المخادع والمزيف باختيار اسماء مثل "أنصار بيت المقدس". "أنصار الشريعة". "أنصار جند الله"... الخ وكما تري أسماء يتم اختيارها بدقة وبدلالات معينة ولكنها بعيدة تماماً عن الأهداف الحقيقية فضلاً عن أنها تسيء إساءة بالغة للإسلام والمسلمين. إنها الصهيونية مرة أخري في أردية وهابية.
المشهد الآني مركب جداً وشديد التعقيد ويجعلنا نراجع وندقق فيما نختاره لهذه المناسبة للتواصل مع المصريين في عيد تحرير سيناء.. ذلك لأن "سيناء" التي تشكل أهمية بالغة "كبوابة مصر الشرقية" سكنها محتل آخر إرهابي ويحتاج لطرده ليس فقط جهود القوات المسلحة والشرطة وانما جهد كل واحد علي أرض هذا الوطن.
ان السينما مازالت بعيدة ومقصرة ليس في حق الأحداث الوطنية الكبري وفي حق "سيناء" علي وجه الخصوص. وانما في حق الشهداء الذين لم نر أيا منهم في الأعمال السينمائية أو الدراما التليفزيونية ولم يحدث حتي الآن ان شاهدنا فيلماً يلقي الضوء علي حقيقة وجوهر هذه الحرب الضروس في شمال سيناء والتي يشارك فيها أبناء القوات المسلحة والشرطة المصرية وبالضرورة قوات الأمن الوطني وجهاز المخابرات انها حرب مركبة وصعبة تدور في خنادق وانفاق وداخل الجبال وتحت الأرض وفوقها وعلي أرض ذات طبيعة وعرة ودروب صحراوية معقدة... إلخ.
"مصر اليوم ليست في عيد" لأنها مازالت تدفع ضريبة الجهاد والحرب ضد الإرهاب وحدها وسيناء لم تعد بالكامل الا مع مصرع آخر إرهابي مجرم يختبئ فوق أرضها أو في جوف جبالها.