الجمهورية
صلاح الحفناوى
رجع الصدي .. فضيحة ¢القرن¢
بحسابات الوقائع والمقدمات والنتائج.. يستحق الاسبوع الذي انقضي وصف الاسوأ في تاريخ مصر الثوري الحديث.. يستحق وصف اسبوع الخزي والعار.. فقد اسقطت احداثه ورقة التوت عن عورة اعلامنا بكل اطيافه واتجاهاته وانتماءاته.. وكشفت أن السيادة في فضائنا الإعلامي هي لإخوان الإرهاب وخونة الوطن.. فيما الإعلام المساند للدولة المدافع عن مصالح الشعب يفتقر الي المهنية بعد أن غزته المحسوبية وتصدرت مشاهده الفهلوة والعنترية.
أسبوع القرن.. ¢قرن البامية¢ وليس قرن الزمان.. أثبت أن إعلام ماسبيرو مرفوع من الخدمة أمس واليوم وغدا.. وأن الإعلام الخاص يستمتع بصناعة الكوارث ليتحفنا بوصلات اللطم والصراخ والعويل: مصر تحتضر.. الشعب المصري يوشك علي الانهيار.. كيف تستقيم حياتنا بدون بامية وكيف نتحمل مصيبة جنون الطماطم؟.. لقاءات علي الهواء مباشرة تظهر المصري المطحون وهو يدرف الدموع لأنه امضي يومه بدون بامية.. الفضائيات تتسابق علي استضافة الخبراء الاستراتيجيين الغذائيين.. ليحدثونا عن الدلالات الاستراتيجية لارتفاع سعر البامية الي ثلاثين جنيها ويقدمو لنا الحلول التي تمكنا من التغلب علي عذاب الجنون السعري للطماطم.
الحكومة ابتعلت الطعم.. وزير التموين يعلن تخفيض اسعار الخضراوات في مجمعات النيو والفاميلي.. يعلن عن اجتماعات ولقاءات وقرارات وتحركات واتصالات للسيطرة علي حالة الجوع الناتجة عن اختفاء البامية من موائد الطعام.. وفي غمرة حماسه يعلن عن الاسعار المخفضة لنكتشف انها اعلي من نظيرتها خارج المجمعات التي كانت ذات يوم تعاونية استهلاكية واصبحت الآن استفزازية.
هل حقنا هذه هي مصر.. هل وصل بنا الحال الي كل هذا التخبط لمجرد ارتفاع سلعة واحدة او سلعتين؟... تعالوا نسمع الاجابة من المصري الحقيقي.. المصري الذي لا تطارده كاميرات الفضائيات ولا يعرف عنه تجار ¢التحاليل¢ الاستراتيجية شيئا.. بالمصادفة تابعت مداخلة هاتفية من مواطن يدعي احمد الشبراوي مقيم في حي التجاريين بالقاهرة.. لبرنامج علي مسئوليتي للاعلامي احمد موسي الذي انضم ربما بالعدوي الي المتحدثين عن ازمة ارتفاع الاسعار.. قال المصري البسيط ان البامية تباع بعشرة جنيهات وليس ثلاثين وهي لا تزال في بداية الموسم والموجود في السوق هو بشائر المحصول وكل البشائر تكون غالية.. وقال ان الطماطم تباع بأربعة الي خمسة جنيهات وليس عشرة او 15 جنيها.. وهو امر معتاد في هذا التوقيت كل عام بسبب الانتقال من عروة زراعية الي اخري.. قال الرجل انه باستثناء البامية والطماطم فأن اسعار جميع الخصراوات منخفضة جدا.. ولمن لا يصدق يستطيع ان يتأكد بنفسه في اسواق السلام والمطرية وعين شمس والمرج وغيرها.
ولأن الاعلام تحدث عن كارثة البامية باعتبارها ظاهرة ارتفاع اسعار شاملة توشك ان تقوض اركان الوطن وتسقط النظام.. فقد حاولت التعرف علي الحقيقة ميدانيا وقمت بزيارة لأحد الأسواق في مدينة السلام علي اطراف القاهرة وفوجئت بأسعار لم ارها من قبل ومن لا يصدق عليه الذهاب الي هناك: كيلو الكوسة بجنيه واحد.. اكرر بجنيه واحد.. اي اقل من تكلفة حصدها وتعبئتها ونقلها.. الباذنجان والبطاطس والبصل الفاخر بجينه ونصف.. الخيار والجزر جنيهين.. البازلاء والفاصوليا الخضراء ثلاثة جنيهات.. وباختصار كل الاسعار منخفضة بشكل غير مسبوق.. فلماذا كل هذا العويل والصراخ.
اعلامنا الخائب نسي أن مصر تعيش في حالة حرب.. وأن قواتنا المسلحة تحارب الارهاب في سيناء وتحمي حدودنا في الصحراء الغربية وفي اقصي الجنوب.. فيما الشرطة تخوص معركة شرسة مع مجرمي التفجيرات.. فهل في زمن الحرب يصبح ارتفاع سعر سلعة غير اساسية قضية امن قومي تستحق كل هذا النحيب.. تعالوا نسمع الاجابة من سوري يعيش في اللاذقية التي تعد اكثر مناطق سوريا امانا.. يقول إن الكهرباء تنقطع 23 ساعة يوميا.. وان طفله مريض ولا يوجد حتي مخفض للحرارة.. الدولار ارتفع من 55 الي 400 ليرة.. واسعار كل شيء تضاعفت عشر مرات ولم تعد السلع موجودة اصلا.. فهل تستحق البامية كل ما فعلناه بعد أن انقذنا الله من مصير مشابه؟.. وهل هذه هي الروح التي نواجه بها ارهابا دوليا يستهدفنا؟.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف