الأخبار
محمد السعدنى
وسقطت ورقة التوت في الشعيرات
هي دورةٌ أخري، وهذا المهرجانُ خرائطٌ،
ووصيةٌ منذورةٌ للأمن،
والكلمات واقفة علي هش النوايا،
يابسٌ جذع القصيدة والعقيدة،
وللماضي ثمارٌ مرةٌ مازال..
في الحلقوم بعض مذاقها،
وهناك متسع لفاختتين..
تقترفان حلماً واحداً، الحلم وهم،
صهيون يلعق وعده..
ويناطح المعني ويمعن في العناد،
وذبالة المشكاة حائرة ولا جهة لها،
أي الحدود ستختبي أو تنحني،
أما الطريق فكلنا نرنو لها،
تحاور أو تشاور إنما لا تنفعل أبداً،
فالمهرجان اليوم من أجل السلام،
فلا تصارع الرفقاء في ساح الكلام.
هي أبيات من قصيدة » الأرض قايضها السلام»‬ للشاعر السكندري ابن الجمعية الوطنية محمود عبد الصمد زكريا. تتحدث عن دورة معادة للمجازر الصهيوأمريكية وعربدات الدول الاستعمارية الكبري، وأوهام خرائط الطريق ووصايا مجلس الأمن ونوايا هشة عن الأرض مقابل السلام وتجارب مرة مع بني صهيون وكفلائهم رعاة الإرهاب في أمريكا وأوروبا، وتردد الموقف العربي وترديه، وعمي بصيرته وعيون العالم المفخوتة اليوم لا تكاد تري الضحايا من أطفال ونساء في فلسطين والعراق واليمن وليبيا، لا تراهم أعين ترامب المثقوبة إلا في سوريا، إنها لتواطؤ الأمريكي وبغبغات سوق عكاظ العربية ومكلماتها، والعار يكللها حين لا تتعلم من تاريخها القريب إذ فرطت في فلسطين والعراق وليبيا واليوم سوريا علي مذبح الإرهاب وصراع القوي العظمي ومطامع صهيون والعربدة الأمريكية، وغداً وافد جديد علي المذبح مادمنا يحكمنا الدراويش في حضرة زعيم الإرهاب والبلطجة الأمريكية، الخوف كل الخوف لا مما حدث ويحدث ولكن مما ستجره علينا رجعية عربية فقدت الرؤية والبوصلة والنظر والطريق، وراحت تؤيد وتهلل لسيدهم بلطجي العالم والبيت الذي لم يعد أبداً أبيض وتهنئه علي ضربته الصاروخية بالتوما هوك لقاعدة الشعيرات السورية، وهم أول من يعرف بما اقترفته أياديهم أن أسباب الضربة ملفقة وأن الهجمة الغاشمة كانت مبيته، إذ جاءت بعد 63 ساعة فقط من استهداف بلدة »‬خان شيخون» بريف إدلب السورية بغاز السيرين، في عملية خسيسة ملفقة بين رعاة الإرهاب الدولي وصناعه وعصابات الإرهاب المتأسلمة التي من أسف تدعمها دول إقليمية وعربية باتت تشير إليها أصابع الإتهام والإدانة، وكانت الفرصة سانحة للإيقاع بنظام الأسد الذي لم يكن في حاجة لاستخدام الغاز في منطقة لقواته العسكرية سيطرة محكمة عليها. جيشوا العالم وعبأوه وكانت دموع التماسيح جاهزة وآلات البروباجندا المتواطئة بفبركات الصور الضاغطة علي الضمائر والعواطف لتلصق التهمة ببشار الأسد ونظامه وتستصرخ ضمير البشرية المعذب للانتقام. وهي نفس المسرحية الرخيصة عن أسلحة الدمار الشامل التي ثبت كذبها في العراق، وصور كولن باول المفبركة في مجلس الأمن توطئة لضرب صدام في 2003. وهنا نؤكد أننا لا نري في بشار رسولاً للإنسانية والعدالة، هو ديكتاتور مستبد كما غيره من حكام عرب آخرين، لكننا نعلم جيداً أن المخطط الذي بدأ بتدمير العراق يستهدف مصر بعد أن ينتهي من سوريا، وكلها مخططات نذرت للأمن الإسرائيلي وإعادة ترسيم خرائط المنطقة.. تعجل الكاوبوي الأمريكي ترامب لانتهاز الفرصة لتحقيق أهدافه ولم يستمع لأصوات دولية جادة طلبت لجنة تحقيق عادلة من وكالات الأمم المتحدة تبحث علي الأرض وتجمع الأدلة علي من وراء استخدام الغاز ومن صاحب المصلحة في تقويض كل احتمالات حل الصراع السوري بشكل سلمي. من الدول العربية كلها كانت مصر الوحيدة التي أدانت الفعل الهمجي المجرم في خان شيخون وطالبت بالتحقيق، ولم تكن تملك أكثر من ذلك، بينما أشعل الآخرون النار الموقدة لضرب سوريا وإسقاط بشار، تماماً كما فعلوا من قبل مع العراق وصدام حسين. ولم يتعلموا الدرس مما حدث للعراق.ويبدو أن اللحم العربي الرخيص أغري اليانكي المغامر في البيت الذي ما عاد أبيض أن يدعوا أصدقاءه وحلفاءه وناقديه من الجمهوريين والديمقراطيين لحفل شواء في »‬الشعيرات» يخرجه من أزماته المستحكمة بشأن خيباته المتتالية في مشروع التأمين الصحي »‬أوباما كير» ووقوف حتي الجمهوريين ضده، وأحكام المحاكم الفيدرالية والمحلية بتجميد وإلغاء قراراته العنصرية بشأن المهاجرين ومنع دخول مواطني الدول السبع الإسلامية، وغيرها من مشاكل التجارة البينية مع الصين ومشكلات الضرائب ومشكلاته مع ألمانيا وفرنسا بشأن حلف شمال الأطلنطي وتمويلاته، واسترضاء الخليج بضربة للأسد ولو استعراضية في مقابل الاستثمارات السخية التي وعده بها محمد بن سلمان، وأن يخرج من أزماته المتتالية في معارك رجاله المقربين في البيت الأبيض وفضائحهم التي بدأت بدفع وإجبار مستشاره للأمن القومي مايكل فلين للإستقالة وتجميد مسئوله الاستراتيجي ستيفين بانون بسبب معاركه العلنية مع مستشاره اليهودي وزوج ابنته جاريد كوشنر، وتهافت سياساته المستهدفة بالنقد من كل الميديا والمحيط السياسي والثقافي الأمريكي، وبالمرة يوجه رسالة ضمنية أنه الرئيس القوي القادر علي تغيير قواعد اللعبة مع إيران وبيونج يانج وتنامي دور روسيا والرئيس الروسي في المنطقة، وهو المتهم وإدارته بالتواطؤ معه، وبالمرة يرضي صقور البنتاجون والكونجرس ويحقق مشيئة حليفه القريب نتنياهو لتدمير الجيش السوري وتفكيك سوريا بما يحقق مصالح إسرائيل. وتابعوا كل ما رشح عن هذه القضايا في الميديا الأمريكية والأوروبية لتعلموا كيف أن ترامب أخبر إسرائيل قبل الضربة وبعد 48 ساعة فقط من جريمة خان شيخون. نحن أمام كاوبوي يحل مشاكله ويهندس سياساته علي حساب لحمنا المستباح في العالم العربي بفضل رعونة وغباء سياسات أنظمته الحاكمة. الذين تآمروا علي مصر وأحبطوا مشروع القوة العربية المشتركة واستقدموا واهمين ذئاب إنجلترا وتريزاماي لحماية عروشهم ومصالحهم ونزواتهم في المنطقة. ولقد تابعت معظم ما نشر في الصحافة العالمية والميديا الدولية عن اعتداء الشعيرات، واستوقفني ما رشح عن بعض المواقع والصحف العربية المعروف عداؤها لمصر وتمويل الإخوان لها، يهمز ويلمز في الموقف المصري ويتهم الرئيس السيسي ويغمز في قناته كذباً وزوراً وعدواناً، ومن حسن الطالع أن المواقف المصرية علي الأرض في مجلس الأمن وبيان الخارجية المصرية كانت واضحة في طلب التحقيق الدولي لمعرفة المجرم الفاعل في خان شيخون، والتمسك بالرؤية المصرية الواضحة بشأن رفض تغيير الأنظمة والحكام بالقوة العسكرية وأنها تهيب بكل من روسيا وأمريكا بالتزام الحلول السلمية في سوريا طريقاً وحيداً للتسوية. مصر تعرف أن وقوع سوريا وتفكيكها أو تقسيمها إنما هو مسمار في نعش الأمن القومي المصري قبل العربي. ولعل ظروفنا المصرية لا تتيح لصانع القرار بأكثر مما فعل، فأقرب إخواننا وأشقائنا هم من يضعفون الموقف المصري والعربي، قبل أي أحد آخر، ولقد سقطت آخر أوراق التوت عن عورة الجميع في الشعيرات، ولازال للماضي ثمارٌ مرةٌ مازال في الحلقوم بعض مذاقها، ولاتزال حدود ستختبي أو تنحني، أما الطريق فكلنا نرنو له.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف