لا أعرف ما هي الديانة التي تبيح قتل الأبرياء أو قتل إنسان يقف بين يدى الله، يتضرع، ويسبح، ويحمد، ويشكر، ويبكى، كيف يتحمل هذا المجرم مشهد سفك دماء سيدات وأطفال وفتيات وشباب ومسنين، هل ماتت الرحمة فى قلبه؟.
أصبت بصدمة عندما سمعت خبر الانفجار، هذه الكنيسة على وجه التحديد هى وكنيسة العذراء في شارع الصاغة بطنطا، لهما معى ذكريات حميمة، فقد قضيت طفولتى ومراهقتى فى مدرسة الأقباط الإعدادية، وكانت المدرسة تحتل مبانى كنيسة العذراء فى شارع الصاغة، وكانت المدرسة تنقل الطابور الصباحي يوم الأحد إلى الحوش الخلفى، وكان يتبع أيضا مبانى الكنيسة، وكان فى نهايته أحد الأبيار الذى يمتد حتى مبنى الكنيسة، وتردد أنه كان يستخدم فى التعميد، وكنا نهرب من الحصص وندخل الكنيسة لمساع بعض الدروس، وأتذكر أننى انبهرت برواية أحد القسس لقصة سيدنا إبراهيم، فكان حكاء، أحسست يومها ان الطيور التى ذبحها سيدنا إبراهيم، بأمر الله لكى يطمئن، تطير فى فضاء قاعة الكنيسة عندما استدعاها.
وكنا فى الأعياد المسيحية نتقابل مع زملائنا ونهنئهم بالعيد، منهم أمير سلامة، وفيكتور وغيرهما للأسف لا أتذكر الأسماء، وأذكر أن بعض الزملاء كانوا من سكان منطقة ابن الفارض، وشارع على مبارك، وشارع النحاس، وكنا نلتقى بهم أمام كنيسة مارى جرجس، كما كنا نتقابل فى الأيام العادية ونلعب الكرة بالقرب من الكنيسة، فقد كانت المنطقة أيامها(منذ أربعين سنة) شبه خالية، وغير مزدحمة.
وأتذكر عندما التحقنا بكلية الآداب، سكن بعض الزملاء فى إحدى الشقق تطل على شارع النحاس، د. عصام عبدالله اسكندر، وحسين الهوارى، وغيرهما لا أتذكرهم جيدا، وكانت كنيسة مارى جرجس تقع فى الشوارع الخلفية لهذه الشقة، وكان عصام يحثنا على الصلاة عند رفع الآذان، قوموا صلوا خلى ربنا يبعد عننا الفقر، كما كنا أيضا نحثه على الذهاب للكنيسة يوم الأحد، وأذكر أن الزميل حسين الهوارى، كان يشكو مر الشكوى من قيام عصام بإيقاظه فى الفجر لكى يصلى.
ــ يا حسين: قوم صلى الفجر خلى ربنا ينجحنا
وكان حسين كثيرا ما يتعلل فقهيا بأن الله سمح للمسلمين ان يصلوا صلاة الصبح بدلا من الفجر، وكثيرا ما كان يتشاجر معه، ويقول له: هو علشان معندكوش صلاة فجر هتقرفنى،
وكان يدور بيننا "جملتين" على سبيل الطرافة نستخدمها عندما يحتد الحوار بيننا، مجد سيدك، وصلى على النبي، وأتذكر جيدا أن مجموعتنا كانت تضم حوالي أربعة من المسيحيين، ومثلهم أو أكثر من المسلمين، وكنا نتجمع فى شقة النحاس، وننزل للعب كرة القدم صباحا أو عصرا أمام الكنيسة.
بعد أن نقلت وكالات الأنباء خبر انفجار في الكنيسة ووقوع شهداء وجرحى، اتصلت بالصديق عصام اسكندر لكي أنقل له الخبر، لكن للأسف تذكرت أن هذا التوقيت يوازى عز الليل، فقد سبق وهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية منذ سنوات، رحم الله الشهداء ولعن الإرهابيين.
استدراك: لا نريد أن نسمع البعض يقول: إن حادثي طنطا والإسكندرية بسبب زيارة «السيسى» الناجحة إلى أمريكا، أو بسبب الضغط عليهم فى شمال سيناء.