الوفد
عباس الطرابيلى
هموم مصرية .. الفن.. والأخلاق التي كانت!
فعلاً، الفن هو الوجه الآخر للمجتمع، أي مجتمع، فلو نهض الفن.. نهض المجتمع كله.. وللأسف نحن الآن نعيش عصراً من الانهيار الأخلاقي.. واعذروني إن قلت إن الفن.. هو السبب!!
فالناس، الكبار والصغار، يقلدون كل ما يفعله الفنان، لأن الناس تري فيهم القدوة.. وهم يتكلمون كما يتكلم الفنان في كل ما يقول ويفعل: علي المسرح، وفي السينما.. وأيضاً في المسلسلات.. وإذا كنا تفاخرنا زمان بأن الفن المصري كان الرائد الذي ربط بين أجزاء الوطن العربي من دجلة والفرات وبردي والليطاني ونهر الأردن.. إلي برقة وبني غازي وطرابلس وحتي تونس وصفاقس وجربة.. ثم غرباً أكثر إلي وهران وقسنطية والجزائر وحتي جبال الأوراس.. وامتد ذلك إلي فاس ومراكش ومكناس وكل بلاد المغرب.. وحتي موريتانيا.. الفن، هو الذي فعل ذلك.
<< أيامها.. لم نكن نسمع كلمة نابية.. أو تعبيراً جارحاً.. أو سلوكاً يخدش الرأي العام.. ويشهد معي كل من عاش هذا الزمن الجميل ان الفنان وقتها كان لسانه عفيفاً.. ونظراته أيضاً.. وفي المقدمة سلوكياته.. رجالاً أو نساء، ولذلك كان الفنان المصري خير رسول لنا عند كل الأشقاء.. وكانت الأفلام كلها خير سفراء.. بل كانت الفرق الفنية المسرحية تطوف بلدان الوطن العربي من أقصي الشرق، إلي أقصي الغرب، وكانت هذه الرحلات مطلوبة من الأشقاء، ومازالوا هناك يتذكرون هذه الفنون المصرية العظيمة.
<< الآن.. تغيرت الصورة، أصبحت السواطير وقرن الغزال والجنازير وصفايح الجاز هي كل ما تقدمه الأفلام والمسلسلات.. والألفاظ البذيئة هي السائدة ويا ليتها تتوقف عند السباب بالأم والأب.. بل وزادت الإيحاءات المرادفة ثم بعد ذلك نتحدث ونتساءل: لماذا انتشرت حالات التحرش في الفترات الأخيرة.. فإذا كانت الأفلام والمسلسلات وثالثهما المسرحيات مملوءة بمثل هذا التحرش.. فكيف نتعجب، وما يجري في الشارع هو نفسه ما يراه الكل في كل الأعمال الفنية.
<< ولا تقولوا لنا- كما يدعون- الجمهور عايز كدة.. بل إن من أهم أسباب ابتعاد الناس- عن الأفلام والمسلسلات- هي هذه البذاءات وتلك الإيحاءات، وتابعوا: لماذا كانت دور السينما زمان تمتلئ عن آخرها وكان العرض يستمر أسابيع عديدة.. أي كان عدد الرواد أكثر مما نراه الآن.. أم ما يقولونه من أن رواد السينما والمسرح تغيرت فئاتهم وأصبحوا الآن من الصنايعية والسباكين.. وهذا غير صحيح، فالفن هو الفن.
<< وحتي ما شاع من منتصف الأربعينيات من انتشار أفلام المقاولات التي كان يمولها أثرياء الحرب.. فإنها سرعان ما انتهت لتعود عظمة السينما المصرية.. وعظمة سلوكيات الفنان المصري.. بل إن أعظم أفلام السينما المصرية هي التي تم إنتاجها بعدها ومنها أفلام ليلي مراد وأنور وجدي والريحاني.. وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش وشادية وحتي أفلام إسماعيل يس والقصري والنابلسي.
<< فإذا أردتم سلوكاً قويماً.. فعليكم بالفن.. أصلحوه أولاً.. يصلح حالكم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف