الوطن
د. محمود خليل
الشعب حاضر.. فأين غيره؟!
بلدنا فى محنة، هذا أمر لا مراء فيه، ونحن فى أشد الحاجة إلى التلاحم والتكاتف والذوبان فى كتلة واحدة من أجل مواجهتها، ذلك أمر لا خلاف عليه. نحن بحاجة إلى أن نمسك فى بعضنا البعض، لأن من يسيرون فرادى يسهل أكلهم، أما الكتل المتماسكة فهى مستعصية أشد الاستعصاء على النفاذ إليها أو النيل منها. التماسك هو السلاح الشعبى الأهم الذى يجب أن يتشبث به أبناء هذا الوطن فى مواجهة تلك الهجمة التى تستهدف بلدنا بأكمله دون تفرقة أو تمييز. دعنى أكرر أن «التماسك سلاح الشعب»، والشعب كان موجوداً بقوة وشاهراً سلاحه فى مواجهة الإرهاب الذى ضرب البلاد بشدة يوم الأحد الماضى فأدى إلى استشهاد عشرات المصريين الآمنين فى كنائسهم، وإصابة العشرات.

الشعب كان حاضراً فأين كان المسئولون؟!

بداية علينا أن نعترف أن أى جهاز أمنى أعجز ما يكون عن توقع عملية إرهابية. هذا كلام صحيح مائة فى المائة، لكن ماذا لو كان الحدث الإرهابى متوقعاً؟

تعالى نحسبها بالعقل. منذ بضعة أسابيع، وعقب تهجير مجموعة من الأسر القبطية من سيناء أصدر تنظيم داعش فيديو يعلن فيه مسئوليته عن تفجير الكنيسة البطرسية، وقتل عدد من المصريين الأقباط بسيناء، وأكد فيه عزمه على القيام بضرب مسيحيى مصر فى كل الاتجاهات. أضف على واقعة «فيديو داعش» معلومة أظن أنك تذكرها حول تفجير البطرسية، فقد وقع التفجير يوم الأحد 11 سبتمبر، أى قبل أيام من عيد الميلاد، أما تفجير كنيسة طنطا فقد وقع صباح الأحد 9 أبريل، قبل أيام من عيد القيامة، اجمع على هاتين المعلومتين معلومة ثالثة تتمثل فى تفجير كنيسة طنطا الذى أعقبه تفجير كنيسة الإسكندرية ظهر الأحد. ماذا يعنى ذلك؟!. إنه يعنى ببساطة وجود العديد من المؤشرات على استهداف كنيستى طنطا والإسكندرية فى التوقيت الذى وقع فيه التفجيران. استمرار الوضع على ما هو عليه سيؤدى إلى المزيد من الضحايا، والشعب الذى تحمل وثبت أمس وأمس الأول وكذا اليوم قد لا يتحمل فى الغد. لازم الحكومة تشوف شغلها، وكفانا دماء.

الشعب كان حاضراً فأين كان الدعاة والإعلاميين والمثقفين؟

يبدو أنهم كانوا -وما زالوا- غارقين فى أمور أخرى، فقد تركوا الساحة طيلة السنوات الماضية لناشرى الفتن ومحترفى بث الكراهية، فصالوا وجالوا عبر العديد من القنوات الفضائية، دون أن يتدخل أحد لإسكات هذا البوم الذى ينعق ويحرض على الدماء، ولا يجد حرمة للنفس التى حرم الله قتلها إلا بالحق، بل إن بعض الدعاة والإعلاميين والمثقفين شاركوا بقوة فى حفلات الكراهية التى تشكل أساساً لحفلات الدم التى تشهدها البلاد، إنها الأصوات التى يستغلها مجرمو داعش لإقناع البسطاء بقتل الآمنين فى معابدهم. أوقفوا خطاب الكراهية الذى يرتدى مرة ثوب الدين، ومرة ثوب الوطنية المصرية، لا تعطوا لتجار الدم باسم الدين جملاً يصح أن ينتزعوها من سياقها ليتاجروا بها على ضعاف القلوب والعقول، لدفعهم إلى العمل فى صفوفهم أو التعاطف معهم. الشعب ما زال يمسك بسلاحه.. اتقوا الله بقى وشوفوا شغلكم.. رحم الله شهداء الوطن.. وشفى مصابيه.. وداوى جراحاتنا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف