في شهر نوفمبر من عام 2010، وجه تنظيم القاعدة من العراق تهديدا إلى المصريين الأقباط، بعد أن قام التنظيم باقتحام إحدى الكنائس فى بغداد وقتله للمصلين، توعد المصريين المسيحيين بالقتل والذبح، يومها لم ننتبه للأسف إلى سؤال على قدر كبير من الأهمية، وهو: لماذا يهدد تنظيم بالعراق أخوتنا فى مصر؟، لماذا يخطط لقتل المصرى المسيحى؟، وأخذتني العزة بالإثم، مثل غيرى، وانتقدت وهاجمت التنظيم العراقى وقلت: إن من يفكر أو يخطط أو ينفذ جريمة مثل هذه، هو شخصية مريضة لا تمتلك عقلا ولا فكرا ولا ثقافة ولا دينا ولا ضميرا ولا قلبا ولا أخلاقا ولا ذاكرة، وهم والبهائم سواء وربما أقل، فما الذي اقترفه الذي ذهب إلى الكنيسة أو المسجد أو المعبد لكي يتضرع إلى ربه، وما الذي يعود على هؤلاء السفلة من اقتحام دور العبادة وقتلى الأبرياء من الشيوخ والنساء والشباب والأطفال ورجال الدين؟، ومن أعطى الحق لهؤلاء لكى يتدخلوا فى الشأن المصري؟، ومن الذي سمح لهم لكي يتجرؤوا ويهددون أبناء وطننا؟، ومن الذي سيسمح لهم بأن ينفذوا تهديدهم المريض؟.
وأنهيت المقال بالعديد من هذه العبارات والجمل العنترية المرسلة، ولم أنتبه، كما سبق وقلت، إلى تفكير وتخطيط التنظيم العراقي للتدخل فى الشأن المصري، أو تخطيطه لنقل عملياته إلى مصر؟، ربما لأنني لم أفكر جيدا فى تشكيل هذا التنظيم، وربما لأنه كان مغروسا فى الصراعات الداخلية بالعراق، وربما لأنني اعتقدت أن أغلب أعضائه من العراقيين، لهذا اعتقدت أنه من الصعب تفكير قياداته فى نقل عملياته أو بعضها إلى مصر.
وأظن أن القيادات الأمنية المصرية آنذاك، في ظل حكم الرئيس مبارك، لم تأخذ هى الأخرى تهديدات تنظيم القاعدة في العراق على محمل الجد، لكن للأسف الشديد مرت الأيام والسنوات ونفذت القاعدة تهديداتها، وبدأت بالفعل فى تنفيذ عمليات خسيسة ضد أخوتنا فى الوطن، صحيح أن العمليات القذرة تتم بيد مصريين خونة، لكنها فى النهاية تمثل تنظيم القاعدة، وهو ما يجعلنا نتساءل: لما خطط قيادات القاعدة منذ أكثر من سبع سنوات إلى ضرب إخوتنا فى الوطن؟، ولماذا لم يخطط لتنفيذ هذه العمليات ضد الكيان الصهيوني في إسرائيل؟، ما الهدف من قتل المصري المسيحي؟، ما الذى يعود على تنظيم القاعدة من قلته أبرياء وهم يقفون بين يدى الله؟
يجب على من أرجعوا العمليات الإرهابية إلى ضرب الوحدة الوطنية أو لمعاقبة المسيحيين لمساندتهم السيسى، أن يفكروا جيدا ويعودوا بالذاكرة إلى أرشيف القاعدة قبل عشر سنوات، لماذا خطط قيادتها أيامها لضرب أخوتنا الأقباط؟، ولمصلحة من كان يعمل؟، ومن الذي كان يموله لتنفيذ هذا المخطط؟، هل الذي يخطط لإعلان الدولة الإسلامية يبدأ بقتل المسيحيين أم بمحاربة النظام؟، ولماذا فكروا فى الاستيلاء على الحكم فى البلدان العربية ولم يفكرا فى محاربة الكيان الصهيوني وإجباره على إقامة الدولة الفلسطينية؟، لماذا جاهدوا ضد العربي المسيحي والمسلم ولم يجاهدوا ضد الصهيوني المحتل؟.