د. حماد عبد الله حماد
الإرادة السياسية «للقيمة المضافة»!
لاشك بأن الخامات الطبيعية والتى يتضاءل حجمها فى العالم بالنسبة لتعداد السكان فنحن اليوم حوالى (ستة مليارات وستة من عشرة) نسمة نعيش على وجه الكرة الأرضية، هذه الخامات الطبيعية التى يستخدمها الإنسان يتضاءل حجمها وكمياتها أمام الطلب عليها وأصبحت الخامات الطبيعية الداخلة فى أى صناعة من السلع الغالية الثمن والمحدود عدد مستخدميها لقدرتهم على شرائها، فمثلاً الأقمشة المصنوعة من القطن الطبيعى دون إضافات صناعية يعلو ثمنه عن تلك المصنعة من ألياف صناعية وكذلك الأقمشة الصوفية الخالصة ناهيك عن الخشب الطبيعى والحديد، وغيرها من الخامات، وتتميز كل منطقة فى العالم، بإنتاجها لخام بعينه ، ونوعيته ودرجة نقاوة كل هذه العناصر تدخل فى الحياة اليومية للإنسان بعد مرورها بعمليات صناعية إما تركيبية أو تحويلية!. وهذا يقودنا إلى عشرينيات القرن الماضى حينما فكر الاقتصادى المصرى العظيم المرحوم محمد طلعت باشا حرب فى القيمة المضافة لخامة القطن المصرى وهو ما سميناه فى مصر فى مدارسنا وجامعاتنا (بالذهب الأبيض)، فكر فى القيمة المضافة لهذه الخامة المصرية التى جلبها محمد على باشا للبلاد (زراعة) عام 1810 تقريباً وكانت الفكرة بإنشاء مصانع لغزل القطن ونسجه واستتبع ذلك نهضة صناعية عظيمة فى البلاد فى صناعات الغزل والنسيج انتشرت فى أرجاء مصر كلها من المحلة الكبرى إلى شبرا الخيمة إلى الإسكندرية إلى طنطا إلى المنيا إلى سوهاج إلى بنى سويف كل الأقاليم قامت فيها صناعات قائمة على الغزل والنسيج للقطن والكتان والصوف واستطاع طلعت حرب أن يحقق القيمة المضافة لخام القطن. ونحن اليوم أمام خام آخر، وهو الغاز الطبيعى والذى حبانا الله به بوفرة تحت الأرض ونقوم الآن على تصدير الجزء الأكبر منه. واستخدامنا لصناعات البتروكيماويات على جزء بسيط منه، والآخر يمثل القيمة المضافة للخام (الغاز)، ونحن نتمنى أن تتفهم الدولة بأن الاستثمار فى إقامة مصانع «للبتروكيماويات» أسوة بما تم فى منطقة العامرية بالإسكندرية مع وزارة البترول، وما تم فى القطاع الخاص فى شمال غرب خليج السويس وبورسعيد، وما يتم الآن بشكل رائع مشاركة بين القطاع الخاص وهيئة البترول والشركة القابضة للغازات وكذلك استثمار عربى وذلك بإنشاء مصنع (البولى بروبلين) فى مدينة بورسعيد. هذه الصناعات يجب أن نهتم بها فى مخطط مصر عام 2050 ، فى تلك الأقاليم التى ننادى بإقامتها فى سيناء أو فى صحراوات الوادى الجديد والمدن الساحلية القريبة من منابع الغاز الخام، هذه الصناعة هى التى قادت دولًا كثيرة سواء كانت فقيرة وصغيرة إلى مقدمة الدول الصناعية الكبرى مثل كوريا الجنوبية واليابان وماليزيا وحتى أندونيسيا، نحن فى أشد الاحتياج للبحث مثل طلعت حرب عن القيمة المضافة لخاماتنا الطبيعية!