المساء
محمد جبريل
جائزة ضد الفساد
أعدت قراءة البواعث التي دفعت مؤسسة ابن رشد بألمانيا إلي تخصيص جائزتها السنوية هذا العام لشخصية أو مؤسسة أسهمت بصورة لافتة في مكافحة الفساد.
الأرقام والبيانات تحض علي التأمل وإعمال الفكر والتحرك الإيجابي ضد ذلك الوباء الذي يصعب نسبته إلي بلد بمفرده ولا إلي إقليم محدد لكنه يتسم بالعمومية دون أن تكون الحاجة المادية هي دافعه. وآخر الأمثلة السيدة بارك رئيسة كوريا الجنوبية التي أحيلت إلي القضاء بتهمة استغلال السلطة. وكما تشير الأحداث فإن الرئيسة المعزولة لم تمارس وقائع الفساد. لكنها سكتت بالمجاملة عن تصرفات مجرمة لعدد من أصدقائها الذين يترأسون مؤسسات كبري.
أشارت "ابن رشد" في إعلان مسابقتها إلي أن عدم المساواة الاجتماعية بارزة في العديد من مناطق العالم. وتكافؤ الفرص بالنسبة لمعظم أفراد المجتمع مجرد وهم. أو حلم غير متحقق. لا يوجد مجتمع خال من الفساد. لكن الفساد في القطاعين الحكومي والخاص في الوطن العربي قد تفاقم بما يكاد يصعب علاجه.
اعتمدت المؤسسة في إعلان مسابقتها علي مؤشر الفساد لعام 2016 الذي أعلنته منظمة الشفافية الدولية. فقد احتلت سوريا المركز 173 أي الرابع قبل الأخير في معدل الفساد. وحصل العراق علي المرتبة 166 متقدماً علي أفغانستان بأربع درجات واحتل لبنان المرتبة 136 بينما بلغت مصر والجزائر الترتيب مائة وثماني درجات وحول الأرقام نفسها تبدو الأوضاع في السودان وليبيا واليمن.
الأمين العام لمنظمة ابن رشد مواطنة عربية من فلسطين هي عبير بوشناق التي أخلصت ـ منذ شبابها الباكر ـ لتاريخ الفكر العربي. وقضاياه. واستشراف مستقبله ثم ألحت الأوضاع الاجتماعية في الوطن العربي علي اهتمامها وهو ما انعكس في قضية الفساد التي صارت ـ للأسف ـ تكويناً في حياتنا العربية.
اشترطت "ابن رشد" علي الشخصية أو الهيئة التي ترشح مسئولاً ما للحصول علي الجائزة. وهي ـ بالمناسبة ـ أشبه بالرمزية. أن توضح الفساد الذي حاول المرشح أن يتصدي لتأثيراته. ودوره في تعزيز الوعي العام بأهمية مكافحة الفساد وحرصه الشخصي علي أن يتمتع بمصداقية واستقلالية وشفافية. ويسهم بتعزيز ثقافة الشفافية والأخذ بالمسئولية الجادة. بحيث يصبح نموذجاً يحتذي.
أن يتحول الفساد إلي مسابقة يرشح الأفراد والمنظمات أجدر الناس بالحصول علي جائزتها. فالمعني الذي تطرحه هو جعل مقاومة الفساد مثلاً لكل المواطنين العرب. وإذا كانت الظروف الاقتصادية الضاغطة قد جعلته مرضاً عربياً قاسياً. فإن تأثيرات الفساد تعانيها دول العالم. بصرف النظر عن حظها من التقدم. أو تخلفها بحيث يصبح التصدي له ـ ولو بتكريم الحريصين علي الشفافية ـ مهمة المجتمع كله. وليس بإلقاء العبء علي الرقابة الإدارية!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف