المصريون
خالد الشريف
الرجوع إلى الخلف .. والهجوم على الازهر !
أيام حزينة عاشت مصر ولا زالت بعد التفجيرات الدامية التي لحقت بكنيسة مارجرجس في طنطا والكنيسة المرقسية في الاسكندرية والتي راحت ضحيتها أكثر من اربعين مواطنا من الأقباط والشرطة وهي بلاشك أدمت قلوبنا جميعا فالإرهاب أصبح خطرا يهدد الدولة المصرية وهو محل اجماع في مصر بضرورة مواجهته والقضاء عليه وهذا أمر لاخلاف فيه خاصة أن تلك التفجيرات التي تنال من الكنائس جريمة إرهابية بشعة تتنافى مع القيم الإسلامية والأخلاق الإنسانية..وهو ما يجب أن تتكاتف كل القوى السياسية والأحزاب الإسلامية لمواجهة هذا الارهاب الأسود فكريًا ..فالمعركة الفكرية محطة مهمة جدا في مواجهة الارهاب الذي يبدأ فكرة ثم يتحول إلى وحش كاسر يحطم كل القيم والأخلاق ..ومن الظلم فعلا بعد الأحداث والمأسي التي يرتكبها تنظيم الدولة " داعش " اعتباره فرقة تنتمى للتيار الاسلامي خاصة في صلاته الدوليه المشبوهة والتي تؤكد أنه صنيعة غربية لتدمير بلادنا الإسلامية ..حتى الخوارج لم يفعلوا أفعالهم فهم تنظيم وحشي بامتياز نزعت منه كل انسانية ورحمة ومايفعلونه في سوريا والعراق خير دليل على ذلك.. وهو مايحتم أن يكون الأمر محل دراسة وتحليل من الفقهاء والمفكرين تجاه هذا التنظيم الذي تحول إلى آلة موت وتدمير في بلادنا الإسلامية
لكن الغريب وسط هذه المأساة والكارثة التي حلت على رؤسنا جميعا أن ينتهز البعض الفرصة للهجوم على الازهر الشريف وشيخه ويسعى البعض لتدمير المؤسسات الدينية، وتأميم الخطاب الإسلامي بزعم تجديده، وقام البعض الآخر بشن حملة مسعورة ضد الأزهر على الفضائيات والتي شنت هجوما حادا على شيخ الأزهر وطالبت بعزله، زاعمة زورا وبهتانا أنه أكبر مصدر للإرهاب في العالم.
وهذا جنون سياسي بعينه.. خاصة وأن الازهر كان وسيظل رمزا للوسطية ومحاربا للتطرف والغلو وهو المرجعية الإسلامية لعالمنا الاسلامي وليس التيارات الإسلامية فقط ..بل إن الدولة المصرية من بعد ثورة 52 ظلمت الازهر وصادرت أوقفه وجعلت شيخه تابعا للسلطة وغيرت من مناهجه مما أثر سلبا على الازهر ومكانته فهو منار العلم وملاذ الضعفاء والمظلومين مما جعل شيخ الازهر يمد رجليه ويقول بأعلى صوته للخديو "من مد رجليه لا يمد يديه" ..فإستقلالية الازهر وتقوية شيخه في صالح الدولة المصرية فهو يعطيها مكانة وريادة ونفوذا بين دول العالم ..لكن البعض بقصر نظره وعداوته لكل ماهو اسلامي يهاجم الازهر ويطالب بتدميره .. رغم ان مصر في أمس الحاجة اليوم إلى الأزهر ودعم منهجه وتعاليمه الوسطية وتقوية مكانته من أجل محاربة التكفير والتفجير والتطرف والغلو
الأمر المؤسف الاخر هو إعلان حالة الطوارئ لمدة 3 شهور عقب التفجيرات وهو انتكاسة للحريات ورجوع للخلف فقد عشنا 30 عاما في ظل حكم مبارك في الطوارئ وعرف الجميع أنها لاتدفع شرا او تمنع تفجيرا بل كانت خدمة مجانية للإرهاب والدليل القريب أن حالة الطوارئ مفروضة ومطبقة في سيناء منذ 3 سنوات والتي أصبحت أقل أمنا وأكثر خوفا بل الارهاب المحتمل في ظلها أصبح واقعا مريرا
فالعلاج الأول في محاربة الارهاب هو فتح نوافذ الحريات وترسيخ العدالة واطلاق حرية العمل السياسي ودعم وتقوية مؤسسات الاسلام الوسطي والمعتدل وهو الازهر .. ونحن نعلم أن التطرف ينمو ويزدهر في الاماكن المظلمة بل التنظيمات الإرهابية المسلحة لاتعيش الا في إطار السرية وسراديب الظلام ..لذلك إغلاق منافذ التعبير عن الرأي ومطاردة جماعات الإسلام المعتدل يفتح الباب على مصرعيه للشباب للهروب لجماعات الارهاب والتطرف ..
.. والكل يعرف أن قانون الطواريء سيئ السمعة ومقيد وسالب للحريات لذلك تداعيات إعلان الطوائ ستكون خطيرة على حرية الصحافة وحريات المواطنين و كان "أول القصيدة كفر" كما يقولون بمصادرة جريدة "البوابة نيوز" رغم اختلافنا مع توجهات الصحيفة إلا أن مصادرة الصحف عدوان على الحريات ومن حق المواطن أن يطلع ويقرأ ويشارك بالرأي فنحن في عصر السماوات المفتوحة وعالم الانترنت ومكانة مصر وريادتها الإعلامية معروفة في المنطقة العربية لا نريدها أن ترجع للوراء وتكون بيئة طاردة للعمل الصحفي والإعلامي الذي يحتاج إلى حرية تداول المعلومات والشفافية خاصة وأن الإعلام في مصر يعيش في محنة بعد أصبحت الصحافة في مصر جريمة يعتقل ويحاكم من يعمل فيها على نشر الحقيقة".
.يجب أن نسعى لتكاتف واصطفاف مجتمعي وسياسي لمحاربة الارهاب خاصة ان مصر في محنة اقتصادية صعبة تريد ان نخرج من عنق الزجاجة وهذا الامر لن يكون إلا باطلاق الحريات واصلاح سياسي يرد الحقوق لأصحابها وعدالة تنصف المظلومين وتعمق الروابط بين المجتمع مسلمين واقباط ونقضى على حالة الانقسام والاستتقطاب ونجعل كل همنا هو انقاذ مصر من محنتها والعمل على نهضتها وتقدمها..والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف