المصريون
عبد الرحمن الخضرى
الأزهر لم يخرّج يوما إرهابيا ولا متطرفا
شهدت مصر حادثاً مأساوياً وهو تفجير كنيستي مارس جرجس في طنطا والكنيسة المرقسية في الإسكندرية وخرج البعض يلقي باللوم علي الأزهر ويدعي أن مناهج الأزهر الشريف مسؤولة عن تخريج الإرهابيين. واستقراء للأحداث وللتاريخ تبين كذب ادعائهم وبراءة الأزهر مما يتقولون.
فمحاولة اغتيال الرئيس السيسي الأولي بالسعودية كانت علي يد خلية تابعة لجماعة ولاية سيناء وقام احد الإرهابيين بعرض زوجته ارتداء حزام ناسف لتفجير نفسها، حتى تشغل القوات في الوقت الذي يستهدف فيه أعضاء باقي الخلية الرئيس، والمحاولة الثانية من ضباط شرطة مفصولين من بين الضباط الملتحين، وقام بها ستة ضباط وطبيب أسنان.
والعمليات الإرهابية ضد الكنائس لم يثبت تورط احد من دارسي الأزهر فيها. فحادث الكنيسة البطرسية بالعباسية والذي راح ضحيته 28 قبطيًا، تبني تنظيم داعش مسئوليته عن ارتكاب العملية. وتفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية، الذي أسفر عن مقتل 21 مواطنًا وإصابة 79 آخرين، تم اتهام سيد بلال الحاصل علي دبلوم صنايع والذي كان يعمل في شركة بتروجت. وفي حريق كنيسة العذراء بإمبابة الذي أسفر عن وقوع بعض القتلى والمصابين، تم احالة 190 شخص من السلفيين لضلوعهم في الأحداث. أما حادث كنيسة الوراق، والذي أدي إلى مقتل 4 أفراد، أعلن تنظيم بيت المقدس عن تبنيه للعملية. وحادث كنيسة العذراء بنجع حمادي فور خروج الأقباط من قداس عيد الميلاد والذي أسفر عن وفاة ثمانية أشخاص و وإصابة العشرات، قضت المحكمة بإعدام المتهم الرئيسي حمام الكموني. والمعروف أن الكموني ترك دراسته في الصف الثالث الإعدادي.
والعمليات الإرهابية ضد السياحة لم يتورط بها احد من الأزهر. فتفجيرات الأقصر تبناها رفاعي طه، القيادي فى الجماعة الإسلامية، وأعلن مسؤوليته عن الحادث. والمعروف أن رفاعي أحمد طه من مواليد 1953م ولد بأسوان وانتظم بكلية التجارة في جامعة أسيوط. وبالنسبة لتفجيرات دهب والتي أودت بحياة 23 شخصا وجرح 62 آخرين معظمهم مصريين، أعلنت السلطات المصرية عن وجود علاقة بين مسلحين فلسطينيين وهذه التفجيرات. وقال بيان لوزارة الداخلية المصرية "إن رجالا من جماعة التوحيد والجهاد التي وُجهت إليها أصابع الاتهام في هجمات سيناء تلقوْا التدريب في قطاع غزة. وتفجيرات طابا التي أودت بحياة ما لا يقل عن 34 شخصا، وإصابة أكثر من 150 بجراح أغلبهم إسرائيليين، فى منتجعين سياحيين في شبه جزيرة سيناء، كانت قد أعلنت جماعة أطلقت على نفسها كتائب التوحيد الإسلامية مسؤوليتها عنها. وتفجير حي الحسين الذي أسفر عن مقتل فتاة فرنسية تبلغ من العمر 17 عاما، وإصابة 25 سائحا آخرون بينهم 14 فرنسيا تتراوح أعمارهم بين 15 و18 عاما و3 سعوديين، وسائح ألماني إضافة إلى 4 مصريين بينهم أطفال، فقد أعلنت وزارة الداخلية المصرية انها اعتقلت خلية مكونة من سبعة أشخاص مصريين وأجانب ينتمون لتنظيم جيش الإسلام الفلسطيني المرتبط بتنظيم القاعدة، ويعتقد انهم متورطون بهذا التفجير. وأوضحت الوزارة أن أعضاء الخلية هم فلسطينيان وبلجيكي من أصل تونسي وبريطاني من أصل مصري وفرنسية من أصل ألباني ومصريان. وتفجيرات الكرنك عندما فجّر انتحاري نفسه في ساحة معبد الكرنك أحد أهم الآثار الفرعونية بمحافظة الأقصر جنوب مصر، مما أسفر عن مقتل 2 من المسلحين المهاجمين وإصابة جندي فيما لم يصب أي سائح في هذا الجوم الإرهابي، فقد توصلت تحقيقات النيابة إلى أن جماعة "أنصار بيت المقدس" قامت باستقطاب عناصر جديدة لارتكاب الحادث. واعترف المتهمون بانضمامهم لجماعة تعتنق أفكارا جهادية وبحيازتهم وإحرازهم لأسلحة نارية ومفرقعات وعبوات ناسفة، علاوة على تلقيهم دورات تدريبية في صناعة المواد المفرقعة والعبوات الناسفة وكيفية استخدامها.
أما اشهر الإرهابيين فلم يكونوا أزهريين ولم يتلقوا تعليما أزهرياً. فعـــادل حبارة منفذ مذبحة رفح الثانية، والتي تم فيها مقتل 26 جنديا من قطاع الأمن المركزي، أنهى الدراسة الثانوية الصناعية وتلقفته مجموعات إرهابية وبدأت في إقناعه باعتناق الأفكار المتطرفة فأطلق لحيته وساعدوه في العمل بمحل جزارة، وفي العام 2005 توجه للإقامة في العريش بشمال سيناء بمساعدة أصدقائه في التنظيم الذي التحق به. والفلسطيني الأردني صالح سرية صاحب تنظيم الفنية العسكرية الذي عمل على اغتيال السادات و قلب نظام الحكم، فكان معاه دكتوراه من جامعة "عين شمس. أما يحيي هاشم اللي كان مع صالح سرية في تنظيم الفنية العسكرية، فكان "وكيل نيابة" حاصل على ماجستير في القانون. ومحمد عبد السلام فرج الذي وضع أول سطر في شهادة وفاة السادات قبل اغتياله بعدة أعوام عن طريق كتابه "الفريضة الغائبة" الذي قنن فيه القتل والاغتيال وألبسه ثوب شرعي، فقد تخرج في كلية الهندسة، جامعة القاهرة وعمل في الجامعة نفسها. وأيمن الظواهري الذراع الأيمن لأسامه بن لادن و خليفته فيما بعد، درس الطب وحصل على ماجستير جراحة من جامعة القاهرة سنة 1978. وأبو مصعب السوري الأب الروحي للسلفية الجهادية في سوريا، فقد درس في كلية الهندسة الميكانيكية في جامعة حلب. ومختار علي الزبير قائد حركة الشباب المجاهدين في الصومال صيدلي وحصل علي شهادة الصيدلة من لندن. وأسامه بن لادن فقد نال بكالوريوس الاقتصاد من جامعة الملك فهد. وأبو بكر البغدادي قائد تنظيم القاعدة في العراق والمُلقب بأمير دولة العراق الإسلامية، يحمل شهادة دكتوراه في العلوم الإسلامية وكان أستاذا في جامعة تكريت شمال بغداد.
فاستقيموا يرحمكم الله، ولنقف صفا واحدا، وننحي خلافاتنا جانبا ولنتذكر دروس التاريخ، فالأزهر لم يخرّج يوما إرهابيا ولا متطرفا. ولا ننسي أو نتناسى أن الأزهر هو مركز الاعتدال والوسطية في العالم الإسلامي، وأن إمامه الجليل، الشيخ أحمد الطيب، واحد من أكثر رجال الدين ورعاً ونزاهة وتقوى.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف