جمال سلطان
كيف تخدم وزارة الزراعة الإرهاب في سيناء ؟!
عندما تكون الدولة في مواجهة موجة من الإرهاب الأسود ، فإن المنطقي أن تعمل الدولة وفق سياسات متكاملة ، وحزمة إجراءات واحدة ، وتنسيق شامل بين الوزارات والمؤسسات ، بما يساعد على محاصرة الإرهاب وتجفيف منابعه ووقف أي ممارسات تساعده على استغلالها للحشد والتجنيد ، ولكن الرسالة التي وصلتني أمس من شمال سيناء ، حيث بؤرة الإرهاب الأخطر ، تعني أن البعض يتصور أننا في دولة المماليك ، وكل مسئول يعتبر نفسه حاكما بأمره في نطاق عمله ، وله سياساته الخاصة المنفصلة عن بقية الوزارات والمؤسسات في الدولة ، وهو الأمر الذي يجعل كل مؤسسة أو وزارة تخرب سياسات الآخرين ، وتفسد العمل كله ، وتحول المواجهة إلى تضارب وتناقض وتخبط ، والإرهاب هو الرابح في النهاية ، تقول سطور الرسالة :
الأستاذ جمال سلطان ، تحياتي إليك ،
عندما انتهيت من كتابة هذه الرسالة كانت الأخبار الصادمة قد تواردت بخصوص التفجيرات الخسيسة التي استهدفت دور العبادة للإخوة الأقباط فى طنطا والإسكندرية فقررت تأجيل إرسالها لكم حتى أتابع تطورات هذه الأحداث المفجعة التي هزت وجدان كل وطني شريف وبت ليلتي بقلب مكلوم أدعو الله أن يحفظ مصر من الفتن وان يلهم الجميع الصبر والسلوان على هذا المصاب الأليم ولقد أعجبني تناولكم لتلك الأحداث بشكل متزن وكم نحن بحاجة ماسة لهذا الاتزان فى هذه الأجواء الصاخبة التي تعيشها بلادنا العزيزة .
المشكلة التي أردت أن أرسل إليكم من اجلها هي عن جد خطيرة وتهدد الأمن العام وتنذر بكارثة حقيقية فى مدينة بئر العبد، ثاني اكبر مدن شمال سيناء وأكثرها استقرارا وأمنا والذي ندعو الله أن يحفظه علينا وان يعيده إلى سائر مدن شمال سيناء بالجهود المخلصة التي يقوم بها رجال الجيش والشرطة .
لقد أعلنت الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية التابعة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي منذ أيام عن بيع بالمزاد العلني بمشروع تنمية شمال سيناء لمساحة تبلغ نحو 10 آلاف فدان بمنطقة بئر العبد (مساحة 2500 فدان مزاد مغلق على أبناء سيناء فقط ، و7500 فدان مزاد مفتوح لجميع المحافظات بما فيهم أبناء شمال سيناء) وتم تحديد جلسات المزاد المغلق ابتداء من 30 ابريل الحالي ، وحتى 4 مايو وجلسات المزاد المفتوح من 7 مايو لمدة 15 يوم حسب الإعلان.
الإعلان السابق وللوهلة الأولى هو بمثابة تنمية يحلم بها الكثير على ارض سيناء ولكنة في الحقيقة يمثل تدمير حقيقي لكل ما تم إنجازه في خلال 17 عام مضت في منطقة بئر العبد نتيجة جهل علمى وفشل إدارى غير مسبوق لبعض المسئولين فى وزارة الزراعة و لك أن تتخيل أن الدراسة التى بني على أساسها هذا الإعلان تعود لعام 2000 م أى منذ 17 عام.
منذ عام 2000 وحتى الآن تمددت مدينة بئر العبد عمرانيا لأكثر من الضعف أي أن مدينة أخرى أكبر من المدينة الأساس أُنشئت وهناك تزايد مستمر وغير مسبوق في التمدد العمراني في المدينة نتيجة نزوح الأهالي من مناطق الاشتباك إلى مدينة بئر العبد ولك أن تتخيل أن ما يقرب من نصف مباني مدينة بئر العبد بمرافقها وخدماتها وفضائها العمراني التابع لمجلس المدينة يقع ضمن هذا الإعلان أى أن نصف سكان المدينة مهددون بترك منازلهم وأرضهم لأشخاص من محافظات أخرى طبقا لرؤية البيه مسئول وزارة الزراعة.
هناك حالة من الغليان الغير معهودة بين الأهالي داخل المدينة مما ينذر بكارثة حقيقة إذا لم تستجيب الجهات المعنية لمئات التلغرافات التي أرسلت من سكان المدينة ومن تحركات نواب دائرة بئر العبد لمناشداتهم بوقف المزاد الغير قانوني لحين استكمال الدراسة بما يحقق مصلحة المواطنين ويحفظ حقوق الدولة لأنه في حالة الاستمرار في تنفيذ المزاد فإن الأضرار تتلخص فيما يلي.
أولا.. نهب حقوق وممتلكات الكثير من أبناء مدينة بئر العبد التي افنوا عمرهم لشرائها (بنظام وضع اليد النظام المتبع والمتعارف عليه في شمال سيناء) لصالح وزارة الزراعة
ثانيا..سيكون هناك نزاع دائم ومستمر بين من سيأخذون تلك المناطق من وزارة الزراعة وبين الملاك الحقيقيين لها لأنه من الطبيعي أن أصحاب الأرض لن يتركوا منازلهم وأرضهم التي بنوها ورعوها بمالهم الخاص بسبب قرار خاطئ وغير مدروس من وزارة الزراعة وهذا بالطبع سيكون لة تأثير سلبي جدا على مهمة رجال الأمن في المنطقة.
ثالثا.. تقليص مساحة مدينة بئر العبد ومصادرة فضائها العمراني يتعارض مع هدف التوطين وهو هدف امن قومي
رابعا.. فتح الباب لأصحاب الأموال للحصول على جميع الأراضي وتهميش محدودي الدخل التي تمثل لهم تلك الأراضي مصدرا أساسيا للقوت ورثوه عن الآباء والأجداد..فهل فكر من وضع ذلك الإعلان كيف لرجل ورث كرم من النخيل ويقوم برعايته لعمل التمر والعجوة التي تمثل مصدرة الأساسي أن يسلب منه لصالح من لا يستحق.
خامسا.. إحداث حالة من التوتر والسخط الشعبي فى أكثر مناطق شمال سيناء استقرارا
والسؤال هنا.
هل استغلت وزارة الزراعة جميع المساحات الزراعية في الجمهورية وفى سيناء حتى تفكر فى زراعة المدن؟
هل نسقت وزارة الزراعة مع الجهات المعنية مثل محافظة شمال سيناء ونواب الدائرة والحكم المحلى....الخ قبل طرح الإعلان؟
هل من الممكن إن تقوم وزارة الزراعة بوقف المزاد وإعادة الدراسة وجعل الأولوية لواضعي اليد فى المناطق الزراعية واستثناء المناطق العمرانية لصون حقوق المواطنين والحفاظ على حقوق الدولة أيضا ؟
أود أن اذكر أن هناك جهد مشكور وتحرك كبير جدا لنواب دائرة بئر العبد والمشايخ وكبار العائلات لوقف هذا المزاد الجائر.
وفى الختام نسأل الله التوفيق والسداد فى جميع الأمور.
انتهت رسالة المهندس مصطفى سلمي ، من أهالي بئر العبد ، وقد أرفق مع رسالته صورة من الإعلان المنشور ، وأرجو أن تصل الرسالة إلى المعنيين بأمر الوطن ومكافحة الإرهاب ، لوقف هذا العبث الخطير ، وكنت أتصور أنه من البديهي أن أي إجراء تفكر فيه أي وزارة وأي مصلحة حكومية في سيناء ، وخاصة في شمال سيناء ، لا بد أن يكون بتنسيق مع الأجهزة السيادية ، نظرا للحساسية الشديدة للأوضاع هناك ، وأتمنى أن أسمع عن تحرك عاجل لتلك الأجهزة لإنقاذ الوضع .