الوطن
د. محمود خليل
تعددت الأسباب.. والجزيرتان مصريتان
ما إن وافق مجلس النواب على تطبيق «حالة الطوارئ» على البلاد، حتى قرر رئيسه إحالة اتفاقية «تيران وصنافير» إلى اللجنة التشريعية والدستورية للمجلس. البعض ربط بين الخطوتين، من جهتى أتحفظ على هذا الربط، وثمة سبب وحيد يدعونى لذلك هو ببساطة «أشرف فرحات»، أشرف فرحات هو المحامى الذى حصل على حكم من محكمة الأمور المستعجلة بإسقاط حكم «الإدارية العليا» الذى يقضى بمصرية الجزيرتين. منذ بضعة أيام صرح المحامى المذكور بأنه سيتنازل عن القضية، لأنه لم يعد يحتمل الاتهامات التى وجهت إليه، ونظرة من حوله له وكأنه محامى الحكومة. لهذا السبب أقول لك اطمئن: الجزيرتان مصريتان، الحكم صدر من الشعب، بان ذلك واضحاً للجميع فى مظاهرات الفرحة العارمة التى اجتاحت المصريين ونقلتها وسائل الإعلام بعد صدور حكم المحكمة الإدارية العليا بمصرية الجزيرتين.

مجلس النواب مصرّ على طرح الاتفاقية، بل واتخذ خطوات فعلية فى هذا الاتجاه، والحكومة أصرت على تحويل الاتفاقية إليه، ووعد رئيسها بتزويد المجلس بجميع الوثائق المتعلقة بها. الجميل فى هذا الموقف أن الكل سيكون مطالباً بتحديد رأيه وتوجهه فيما يخص الأمر. نريد أن نسمع النواب نائباً نائباً وهم يحددون موقفهم من الجزيرتين. الحرية مكفولة للجميع، النائب الذى يملك القدرة على القول بأن الجزيرتين سعوديتان يخرج ويقول رأيه، فهذا حقه، ومنه بعد ذلك إلى الشعب. الوزير الذى يريد أن يصرخ بسعودية الجزيرتين يفعل، ومنه بعد ذلك إلى الشعب. دعنى أذكرك من جديد بأن أشرف فرحات هرول إلى محكمة الأمور المستعجلة ليتنازل عن القضية التى حصل منها على حكم بسعودية الجزيرتين، وعندما خرج إلى وسائل الإعلام أعلن أنه يقر بمصرية الجزيرتين، وأن ثمة «لخبطة» حدثت فى ترتيب أوراق القضية، وأنه لم يكن يقصد على وجه الإطلاق القول بسعودية الجزيرتين، لقد فعل ذلك لأنه وجد نفسه فى مواجهة أفراد الشعب من المحيطين به، فلم يقوَ على المواجهة، وأعلن التنازل. معذور.. من يملك الصمود أمام شعب قرر وحكم؟!.

أفهم أن تناقش حالة الطوارئ التى قررها الرئيس من زوايا أخرى، وليس من زاوية تيران وصنافير أو غيرها من الزوايا المتعلقة بمواد دستور 2014، ربما رأى القائمون على الأمر فى مصر أن الطوارئ يمكن أن تكون مدخلاً جيداً للقضاء على الإرهاب، ربما!، لكن التجربة الزمانية والمكانية تقول بغير ذلك، فقد فرض «مبارك» الطوارئ على المصريين لمدة 30 سنة، وكما تعلم فإن الطوارئ مفروضة فى سيناء، وما زلنا حتى الآن نخوض معركة شرسة ضد الإرهاب. والسبب فى ذلك بسيط للغاية، ربما يكون الرئيس قد لمَّح إليه فى كلمته عقب تفجير كنيستى طنطا والإسكندرية، عندما تطرق إلى بعض الدول التى تمول الإرهاب. المسألة فى الأول والآخر فلوس واقتصاد. وقد يكون إنعاش الأوضاع الاقتصادية مقدمة جيدة لضرب جرثومة الإرهاب داخل هذا المجتمع، فعملياً نجد أن أكثر من يسقطون فى حجر الإرهابيين من المسحوقين اقتصادياً، نعم يصح استثناء أن ينضم إليهم شخص لا يعانى اقتصادياً، لكنه يبقى استثناء يؤكد القاعدة ولا ينفيها. والكل يعلم أن فرض حالة الطوارئ يمنح رسالة للخارج لها مردود سلبى على السياحة والاستثمار، فى وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى الإنعاش الاقتصادى.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف