خالد عبد العزيز
صناعة كبري ... ملاعب خضرا
علي مسرح نادي الضباط في يوليو عام 1963 غني الفنان عبد الحليم حافظ أغنية وطنية رائعة انتشرت سريعاً في ذلك الوقت بعنوان ¢المسئولية¢ من كلمات المبدع صلاح جاهين وألحان الموسيقار كمال الطويل . وكلما استمعت إلي هذه الأغنية أتوقف كثيراً أمام مقطع عبقري فريد يضع أمامي خصوصاً وأنا في هذا المنصب المؤقت الطريق الأمثل لحل معظم المشاكل التي يعاني منها الشباب المصري وربما الشباب العربي أيضاً . والمقطع يقول:
صناعة كبري ...ملاعب خضرا ...تماثيل رخام ع الترعة وأوبرا ...في كل قرية عربية.
* صناعة كبري هي الطريق الأمثل لحل معظم مشاكل الشباب الاقتصادية والاجتماعية . فعندما تشهد البلاد نهضة صناعية حقيقية منضبطة طبقاً لخطة واضحة المعالم تتوفر فيها فرص التشغيل بشكل كبير مع تحسن الظروف المصاحبة للعمل من أجور ومزايا اجتماعية وتأمينية وصحية وتنمية للقدرات البشرية والمهارية. بالقطع ستقل نسبة البطالة ويصبح الشباب قادراً علي تحقيق آماله وأحلامه في تكوين أسرة صغيرة وتوفير المسكن والملبس والمأكل بما يتناسب مع طموحاته بالإضافة إلي أن زيادة الإنتاج بشكل حقيقي ومتوازن يزيد من السلع المعروضة مقارنة بحجم الطلب عليها فتقل الأسعار بما يسمح لشاب في مقتبل حياته أن يتحمل ليس فقط تكلفة المعيشة بل وأيضاً الاستمتاع بها.
* ملاعب خضرا يمارس فيها الأطفال والشباب رياضة محببة لهم يقضون فيها وقتاً سعيداً في تنافس شريف . ملاعب في كل مكان في المدرسة والجامعة في القري والشوارع في مراكز الشباب والأندية في المصانع والشركات في الحدائق العامة والمتنزهات تبعدهم عن الأماكن المشبوهة وتستنفد طاقاتهم فيما ينفع العقل والجسم وتزيد من ارتباطهم وولائهم للقرية والحي والمركز والمدينة والوطن وتكتشف المواهب وتساعد في بناء جيل يتمتع بالصحة والحيوية والنشاط . يشعرون فيها بالانطلاق والحرية ويستنشقون فيها نسيماً مختلفاً عن ذلك الموجود في مناطق الاختناق.
* التماثيل الرخام والأوبرا هي إشارة واضحة لأهمية دور الفن والثقافة في بناء وجدان الشباب . والعجيب أن ¢جاهين¢ قد اختار ¢التماثيل¢ و¢الأوبرا¢ وهي الأمور التي يحاربها أصحاب العقول المتحجرة وجماعات الظلام التي تسعي إلي السيطرة علي أفكار الشباب مما يؤكد أن الفن والموسيقي والثقافة هي الأبواب الحقيقية للتنوير والإبداع والسلام النفسي . وأن الشباب إذا شاركت هذه الأمور في تكوينه العقلي والوجداني فمن المستحيل أن يستطيع أئمة الإرهاب ودعاة التخلف السيطرة عليه وعلي تصرفاته.
* كل قرية عربية فيها المصنع والملعب والمسرح سيخرج منها المنتج والموهوب والمبدع والفنان ولن يخرج منها أبداً الفاشل أو الإرهابي أو المتطرف.
كل الاحترام والتقدير للجهد الأمني المبذول في مواجهة الإرهاب وما يقدمه الرجال من تضحيات وكل الاحترام للقرارات التي تتخذ للحد من مظاهر العنف والتطرف وتجفيف المنابع والمصادر الإرهابية. وتبقي أيضاً الصناعة الكبري والملاعب الخضرا والتماثيل الرخام علي الترعة والاوبرا من الوسائل المهمة والأساسية والضرورية لبناء الجيل الذي يستطيع أن يحقق المجد لوطنه والأمن لأهله . وهذه هي ¢المسئولية¢. وهذا هو الدور الذي يجب أن تقوم به الحكومات.