عباس الطرابيلى
البرلمان.. والقوانين الجديدة
هل كان مجلس النواب المصرى يحتاج سببًا لكى يسرع فى مناقشة قانون الإجراءات.. وهو المشروع الذى دخل ثلاجة المجلس منذ عدة شهور؟! وهل كان المجلس يحتاج أيضًا إلى سبب لكى يناقش وحتى يوافق على قرار رئيس الجمهورية بإعلان حالة الطوارئ.. حتى تستطيع الدولة أن تواجه وتتصدى بحزم أكبر لموجات الإرهاب الخطيرة التى تضرب المجتمع بعنف؟
أليس كان واجبًا على البرلمان أن يتحرك.. لأن ما يقع يحتاج إلى أسلوب آخر، وإلى قوانين أخرى ـ بعضها استثنائى ـ حتى تواجه البلاد هذه الموجات التى تتكرر فى عديد من المدن والقرى، من شمال الدلتا إلى عمق الصعيد؟!
<< ونعترف، أن نجاح الدولة فى توجيه ضربات شديدة للإرهابيين فى شمال سيناء هو ما جعل هؤلاء الإرهابيين يتحركون بعصبية أكبر لينفذوا وبخسة أبشع عدد من العمليات فى الأيام الأخيرة.. وبالذات ضد الاشقاء المسيحيين، وهى عمليات استهدفت الكنائس.. وربما كان هدفهم هنا هو استعداء قوى خارجية ضد السلطة المصرية.
<< أكاد أجزم أن مجلس النواب لم يقدم شيئًا من المطلوب منه جماهيريًا.. فلا هو استطاع أن ينسق مع الحكومة لمواجهة موجات الغلاء، ولم يأخذ قرارًا يجبرها على تشديد قبضة الحكومة على الأسواق.. على الأقل لمواجهة جشع التجار، الذى فاق أى حد.. وأى تصور.
ولا هو استدعى وزير التعليم ليناقش معه ـ ويحاسبه ـ على ضرورة الإسراع فى تنفيذ برنامج تحديث حقيقى لتطوير التعليم.. نقول ذلك رغم أن وزير التعليم لم يمض فى موقعه إلا أسابيع قليلة.. وأن علينا أن نمنحه الفرصة الكافية لكى يدرس ويتقدم للبرلمان ببرنامجه التطويرى.
<< وإن البرلمان- بما يملكه من سلطة الرقابة على أعمال الحكومةـ لم يتحرك بالسرعة الكافية لمناقشة تدهور الأوضاع المالية والاقتصادية بل إن مناقشات البرلمان لمشروع الموازنة العامة للدولة لم تكن كافية لا فى المدة.. ولا فى الأفكار.. ولذلك جاءت هذه المناقشات تحصيل حاصل.. وكأن الميزانية المرهقة من الأمور العادية!
وحتى ما نراه من أوضاع سيئة تمس الخطاب الإعلامى وتأخر إصدار قرارات إنشاء المجالس العليا المنظمة للعمل الإعلامى.. لم تصدر إلا بعد أن صدر قرار إعلان حالة الطوارئ، وكأن البرلمان كان ينتظر هذا القرار، لكى نرى- ما تم منذ ساعات- من إصدار قرارات تشكيل هذه المجالس.. فإلى متى تظل قراراتنا مرهونة بتطور الأحداث؟
<< وكنا نتصور أن البرلمان سيعمل بنفس السرعة التى يعمل بها رئيس الجمهورية.. وإذا كان تغيير الوزراء أمرًا سهلاً.. فإن من الصعوبة تغيير البرلمان ونوابه.. لأن ذلك له شروط قاسية عملاً بمبدأ الفصل بين السلطات.
الشعب ينتظر من نواب الأمة أن يكونوا عند حسن ظن الشعب بهم، ولكن- للأسف- جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن.. وهكذا اختلفت السرعات بين أجهزة الدولة.. فما أحوجنا إلى أن يسرع كل جهاز إلى العمل.. ودون انتظار لأى أسباب.