أذكر في الأيام الأولي. التي أعقبت ثورة يناير. وكنت عائداً لتوي من الإمارات. بعد مفاوضات دامت لياليا من الأهل. هل ننزل في إجازتنا أم لا.. كانت مجرد رؤية ضابط أو عسكري في الشارع. أمراً مبهجاً جداً. حتي أنك تتوقف لتسلم عليه.. لدرجة أنك تفرح. وتهلل وتصفق.. كان الأمن ساعتها وفي أوقات أخري تالية. حلماً من أحلامنا الجميلة. ولازالت رؤية رجال الشرطة في الشارع للآن. سبباً للطمأنينة والرضا. واليقين أنه لازال في هذا الوطن ما يستحق.
مؤكداً أيضاً. أنه تقتلنا وتدمينا. تلك الاحداث الإرهابية الخسيسة والجبانة. التي تستييح الدم المصري. دون وازع من دين يقوم بها "كفرة.. فجرة" لادين لهم ولا ملة. ولكن من الظلم أن نحمل الشرطة المصرية مسئولية كل ما يحدث. وأن "يطنطن" كل من يدري أو لا يدري متحدثا عن القصور الأمني مكتفياً بأقوال مرسلة يكذبها الواقع. بل ويكذبها ما يحدث في العالم كله.
ليس في إمكان أي شرطة في العالم أن تطارد مائة مليون. وأن تستعلم عن نياتهم. وأن تري ما في حقائبهم وجيوبهم. ولا أن تسد كل الشوارع وكل المنافذ وكل الهيئات والشركات والمحطات والمطارات.. ليس في إمكان أي شرطة أن تمد يدها إلي أكثر من مليون متر مربع. ولو مدت يدها. لا تدري.. هذا القادم من بعيد.. ماذا يحمل وماذا يريد وفيما يفكر.
دائماً أقول في معرض التدليل علي ما أقصد: لو أن مائة فرد. أجمعوا في وقت واحد ولو من باب الصدفة. أن يرتكبوا جرائم. أيا كان شكلها. فقرر هذا مثلا أن يضرب صاحب السوبر ماركت. وقرر ذاك أن يكسر زجاج سيارة جاره وخطط ثالث لسرقة الدراجة أسفل المنزل. وقرر الرابع أن يشعل نارا في الطريق.. وهكذا.. كلهم سيفعلون ما عزموا عليه. وساعتها ليس بإمكاننا أن نلوم التقصير الأمني.. الأمن يبدأ من الناس وما تكابده الشرطة المصرية هذه الأيام فوق الاحتمال. وكثير من العمليات أحبطوها.. تري ماذا - لا قدر الله - لو وقعت. وكيف الحال لو أن الشرطة المصرية ليست متماسكة حتي الآن. رغم الحرب عليها. والتي أسقطت لها شهداء بالمئات. ضحوا من أجلنا وفداء لهذا الوطن.. لا مانع من أن ننتقد وأن نوجه. ولكن بوعي. وأن يقوم بتلك المهمة. الفاهمون العالمون ببواطن الأمور. وليس كل من "هب ودب" وليس معني أن لواحد منا ثأراً شخصياً مع فرد بجهاز الشرطة. أن يوجه الاتهامات إلي الجهاز كله فهم أولا وأخيراً. ليسوا من "كوكب تاني" وكلهم من أهلنا.. أقارب وأصدقاء وجيران وأعلم من أصدقاء يعملون بالشرطة. أن أمر "الراحات والاجازات" بالنسبة لهم. ومنذ سنوات بات ترفاً. لم يعد من حقهم أن يسألوا عنه. فالعبء ثقيل. والمسئولية كبيرة. والمقارنة بين الشرطة منذ عشر سنوات. وبينها اليوم. هي مقارنة ظالمة تماماً فالزمن قد تغير. والجريمة لم تعد في شكلها النمطي المعتاد. والإرهاب اللعين. استشري مدفوعا من الداخل والخارج. ومجابهته مسئوليتنا جميعا وليست مواجهة الشرطة وحدها.
من يحب مصر. عليه في هذا التوقيت أن يساند مؤسساتها. وأن يقيل عثراتها. وأن يكون عونا لها. لا معول هدم.. من يحب مصر. عليه أن يترفق بها. من أجل نفسه ومن أجل أولاده.. عليه ألا يحلل الأمور. وهو "متغطي علي السرير".
ہہ ما قبل الصباح:
ليس كل من في الشرطة ملائكة.. وكذلك نحن أيضاً.