المساء
السيد العزاوى
الإسراء والمعراج أسرار وأنوار
سوف تظل رحلتي الإسراء والمعراج مثار الحديث كلما أطلت الأيام الأخيرة من شهر رجب.. أهل الفكر وكبار الكتاب والعلماء يتناولون هذا الحدث الذي جاء في القرآن الكريم. البعض يذهب إلي حقيقة هذه الأحداث التي هزت أهل مكة حين أخبرهم سيدنا محمد برحلته من مكة حيث المسجد الحرام إلي بيت المقدس بأرض الشام وآخرون يتساءلون هل كانت الرحلتان بالروح والجسد أم بالروح فقط وبعيداً عن هؤلاء وأولئك نتطرق إلي الرحلة المباركة التي تتواكب ذكرياتها مع هذه الأيام نعيش مع الذكري العطرة التي تحمل الكثير من الأسرار والأنوار.. ولعل سورة الإسراء تحمل في بدايتها إشارة واضحة إلي هذه الأسرار "سبحان الذي أسري بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير" الإسراء "1".
تلك الأسرار تجلت في آيات سورة النجم "والنجم إذا هوي. ما ضل صاحكبم وما غوي. وما ينطق عن الهوي. إن هو إلا وحي يوحي. علمه شديد القوي. ذو مرة فاستوي. وهو بالأفق الأعلي. ثم دنا فتدلي. فكان قاب قوسين أو أدني فأوحي إلي عبده ما أوحي. ما كذب الفؤاد ما رأي. افتمارونه علي ما يري. ولقد رآه نزلة أخري. عند سدرة المنتهي. عندها جنة المأوي. إذ يغشي السدرة ما يغشي. ما زاغ البصر وما طغي" لقد رأي من آيات ربه الكبري "1-18 النجم" تكشف هذه الآيات بجلاء لأهل البصيرة جوانب من هذه الأسرار التي اختص بها رسول الله محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم لقد كان في مقدمة الأسرار إنه كان قاب قوسين من حضرة الذات الإلهية نورانية لا يدرك مدي حقيقتها إلا الذين يؤمنون بالغيب ويسلمون بقدرة الحق تبارك وتعالي في اختراق الوقت ومختلف النواميس والأعراف في هذه الأيام. ولعل هذا السر هو الذي آثار لغطاً شديداً بين أهل أم القري وأخذوا يتسألون كيف يقطع محمد هذه الرحلة في هذا الوقت القصير رغم أننا نقطعها في شهرين خلال رحلتي الذهاب والعودة. لم يحتمل بعض المسلمين تلك المفاجأة التي أعلنها رسول الله صلي الله عليه وسلم في جوف الكعبة المشرفة فارتد البعض عن الإسلام وصارت هذه المفاجأة حديث أهل مكة في تجمعاتهم. وقد توجه بعضهم إلي أبي بكر يخبرونه بتلك المفاجأة التي أعلنها الرسول الكريم باعتبار أبي بكر من أقرب الناس إلي الرسول. تساؤلات تحمل كثيراً من الشك ومحاولة لإبلاغ الصديق بأن رفيق دربه يخبر عن أمر لا يصدقه عقل لكنه كان في منتهي الحصافة والذكاء إذ فهم حقيقة نوايا هؤلاء فقال لهم: وماذا في ذلك إنه يأتيكم بخبر السماء فتصدقونه ثم أضاف إن كان قد قال ذلك فقد صدق. وبذلك أنهي أسلوبهم الذي يريدون به النيل من الرسول وصديقه. وسوف تظل الأسرار تتكشف يوماً بعد الآخر حتي يرث الله الأرض ومن عليها. آيات ربنا الكبري التي رآها الرسول تحمل الكثير من هذه الأسرار. ويجدر بنا في هذا المقام أن نشير إلي حقيقة تؤكد تمتع الرسول الكريم بأفضل الصفات إذ أنه حينما شاهد الكثير من عجائب الكون وما تضمه السماوات السبع لم يزغ بصره ولم يتحرك قلبه وإنما كان في منتهي الالتزام والتسليم "ما زاغ البصر وما طغي" تلك أدق الأسرار التي أزاحت الآية الكريمة الستار عنها. ولعله لا يغيب عن الخاطر أن أحدنا إذا شاهد بعض العجائب فإن الحديث في داخله لا ينقطع عن الانبهار بما رأي لكن هذا التصوير من جانب الحق تبارك وتعالي يؤكد أفضل الأسرار التي واكبت هذه الرحلة المباركة التي كانت بالروح والجسد ما كذب الفؤاد ما رأي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف