الجمهورية
بسيونى الحلوانى
الأزهر الشامخ.. وإعلام الفتنة
لا أدري لمصلحة من يعمل هؤلاء الذين أطلقوا حملة عبثية ضد الأزهر بعد جريمة تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية؟ ولا أدري من يوجه هؤلاء للقيام بحملات مضللة للرأي العام ضد الأزهر ورسالته من وقت لآخر؟ ولا أدري ما هي مسئولية الأزهر بالضبط في جريمة التفجير التي أحزنت المسلمين قبل المسيحيين؟ هل الأزهر هو المسئول عن هذه الجريمة النكراء باعتباره تقاعس عن واجباته وتخلي عن رسالته مما سمح للمتطرفين الإسلاميين بالقيام بجرائمهم في مصر؟ وإذا كان الأمر كذلك.. فهل الأزهر هو المسئول أيضا عن جرائم التفجير وقتل غير المسلمين علي يد بعض المتطرفين الإسلاميين والتي تتواصل وتتلاحق في معظم البلاد الأوروبية والأمريكية؟ ولو سلمنا بأن الأزهر يتحمل مسئولية تنامي التطرف في الداخل.. فهل الأزهر هو المسئول وحده عن الدعوة الإسلامية في مصر وعدد وعاظه لا يزيد عن خمس عدد دعاة وخطباء مساجد وزارة الأوقاف؟.. ولماذا لم نسمع إعلاميا من محترفي الفتنة وتوزيع الاتهامات جزافا دون وعي يوجه اتهاما بالتقصير لوزارة الأوقاف وهي المسئول الأول عن الدعوة الإسلامية في مصر؟
تساؤلات كثيرة تفرض نفسها أمام حملة ممنهجة تنشط ثم تهدأ ثم تنشط من جديد ضد الأزهر وعلمائه سواء شهدت مصر أحداثا مؤلمة أم لم تشهد وكأن هناك من يحركها بالريموت كنترول ليسيء للأزهر مع سبق الإصرار والترصد.
قد يكون الأزهر ليس في الحالة التي نتمناها جميعا باعتباره محل ثقتنا وتقديرنا.. فما هي إذن المؤسسة التي تقوم بواجبها علي الوجه الأكمل في مصر؟
***
المؤسف والمحزن أن كتيبة إعلام الفتنة يرون أن التطاول علي الأزهر شجاعة إعلامية ترفع أسهمهم وهؤلاء بغبائهم لا يدركون مكانة الأزهر في نفوس المصريين جميعا من مسلمين ومسيحيين. كما أنهم لا يدركون خطورة ما يفعلون فهم يحاولون هدم ركن مهم للغاية من أركان الدولة المصرية التي تتبناها وتفتخر بها في كل مكان.
لقد كشفت وزارة الداخلية عن هوية الجماعة التكفيرية التي نفذت تفجير محيط كنيسة الإسكندرية وهي جماعة ضالة تعتنق فكرا منحرفا لا علاقة للأزهر به من قريب أو بعيد وليس من بين الإرهابيين فرد واحد ينتسب للأزهر أو درس به. والفكر المتشدد من واجب الأزهر مواجهته.. فمن أدري هؤلاء الهائجين ضد الأزهر أنه لا يواجهه بكل إمكاناته وأدواته؟ وهل مواجهة فكر ضال متأصل في مصر منذ حقبة طويلة من الزمن كما هو متأصل في العديد من البلاد العربية والإسلامية تتطلب أن يضغط الأزهر علي زر ليقول المتشددون تبنا الي الله وندمنا علي ما اعتقدنا وأجرمنا ضد الدين والوطن؟!
لقد قرأت وسمعت خلال الأيام الماضية علي ألسنة بعض الإعلاميين والمثقفين في مصر إسفافا ضد الأزهر لا يستند الي تفكير سليم ولا حكم موضوعي ومن شأن الترويج له أن يسيء لسمعة الأزهر في الخارج وهي سمعة طيبة تضيف لمصر مكانة ولو كره الكارهون.
من العبث أن يضم بعض الاعلاميين أو المثقفين جهودهم الي جهود جماعات التشدد والتكفير والضلال في توجيه الاتهامات للأزهر.. لا ينبغي أبدا أن يكون هؤلاء مع أولئك في خندق واحد ضد المؤسسة الوسطية الوحيدة في العالم الإسلامي.. لا ينبغي أن يدعم إعلام مصر جماعات التطرف والتكفير والارهاب ويساعدوها في تشويه صورة الأزهر لصرف المسلمين عن علمائه لتخلو لهم الساحة لافتراس عقولنا كيفما يشاءون.
***
إذا كان من حق الإعلاميين- كما من حق أصحاب الرأي والفكر- أن ينتقدوا أوضاعا يرونها تنتقص من رسالة الأزهر وذلك بهدف الإصلاح والتغيير للأفضل.. فليس من حقهم أبدا أن يتخلوا عن النزاهة والموضوعية والأمانة الاعلامية. وليس من حقهم أن يلوثوا سمعة كيان عريق له تاريخه ومكانته في نفوس المسلمين في العالم استنادا لمعلومات مغلوطة أو شائعات كاذبة تؤدي في النهاية الي تشويه سمعة الأزهر وإضعاف الثقة به لأن هذا يؤدي الي تحقيق أهداف الجماعات المتطرفة التي لعبت علي وتر إفساد العلاقة بين جماهير المسلمين وبين الأزهر وعلمائه لكي ينفذوا بأفكارهم المسمومة الي عقول الناس وقلوبهم.
بالتأكيد.. النقد البناء للأزهر والذي يستند الي معلومات صحيحة وأوجه قصور حقيقية مفيد ومباح ومشروع.. لكن هجوم بعض الإعلاميين في الفضائيات بلا وعي وبلا منطق وبلا معلومات صحيحة واستنادا لشائعات وأكاذيب يأتي بنتائج سيئة فكثير من المهاجمين للأزهر لا يعرفون شخصية شيخ الأزهر الحالي ولا يدركون طريقة تفكيره ومدي حرصه علي صنع تاريخ جديد للأزهر في الداخل والخارج. وهم أيضا لا يدركون أنه ليس من المصلحة العامة لمصر الدولة والسمعة والتاريخ جعل صبر هذا الرجل ومعاونيه ينفد فهو لا يبحث عن استمرار منصب ولا عن وجاهة هذا المنصب ومخصصاته بقدر ما يؤمن أنه يؤدي رسالة إصلاحية داخل الأزهر ينبغي أن نساعده عليها.
ليتنا نتعقل ونتوقف عن ترديد الشائعات الكاذبة عن الأزهر ونتحلي في حديثنا عن- إيجابياته وأوجه القصور فيه- بموضوعية بهدف الإصلاح دون أن نعطي الفرصة للعقول العابثة والآثمة لكي تلعب في سمعة الأزهر ومكانة علمائه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف