المساء
مؤمن الهباء
فـواحش مـولـد السيدة!!
كان يجب أن نري الاحتفال بمولد السيدة زينب ـ رضي الله عنها ـ مناسبة لتصحيح المفاهيم والممارسات الدينية وترشيد العادات والتقاليد خاصة أن الجميع يتحدثون هذه الأيام عن تجديد الخطاب الديني.. لكن الذي حدث كان العكس تماماً.. فقد شهد الاحتفال الذي هو مناسبة دينية جليلة في المقام الأول الكثير من الموبقات والمحرمات والسلوكيات القبيحة التي لا ترضي عنها صاحبة الذكري.. السيدة الطاهرة.. التقرير الصحفي الذي نشره موقع "اليوم السابع" والصور المصاحبة له يقدم صورة قاتمة لما وصل إليه حالنا.. ويؤكد أننا نعيش انفصالاً تاماً بين ما نقول وما نفعل.. نحن نتحدث كثيراً عن الإصلاح الديني والتطوير والتجديد الفكري.. لكننا في الواقع وعلي الأرض نغرق في بحر من الفساد والإفساد والتخلف إلي درجة مقززة.. وإذا سألت عن الدور الذي تؤديه مؤسسات الدولة والمؤسسات الدينية في هذا الواقع الأليم فلن تجد إجابة.. الكل يلتزم الصمت.. رغم أنه يعرف مسئوليته أمام الله وأمام الناس.. أو هذا ما يجب أن يكون.
يقول تقرير "اليوم السابع" إن الليلة الكبيرة بمولد السيدة زينب تحولت إلي حفلات للرقص الشعبي علي أنغام الـ "دي. جي" قام بها شبان شبه عراة في محيط مسجد السيدة وسط سحابات من دخان مخدر البانجو والحشيش.. وتحوَّل الجو الروحاني المفترض للمريدين إلي ساحة مضطربة مزعجة.. خفتت فيها أصوات الإنشاد الديني والابتهالات وحلقات الذكر.. وغطت عليها أصوات الأغاني الشعبية الصادرة من الـ "دي. جي" .. وأغاني أوكا وأورتيجا.. ومقتطفات غنائية من روائع أفلام السبكي.
ولك أن تتخيل كيف وصل الأمر إلي هذا الحد.. فقد سيطر البلطجية علي ميدان السيدة.. وفرضوا إتاوات علي أصحاب السرادقات.. ووقعت حالات كثيرة من السرقة والتحرش والاشتباكات والخناقات.. حيث أقدمت مجموعات من الصبية علي التحرش بالفتيات والسيدات دون تدخل أحد لإنقاذهن.. بالإضافة إلي قيامهم برشق السيارات والمارة بزجاجات المياه.. كما انتشرت المشاجرات بين شبان قاموا بخلع ملابسهم أمام الناس دون أدني حياء.. علي الجانب الآخر شهدت الخيام التي أقيمت علي جانبي الميدان وفي الشوارع الجانبية ممارسات تتعارض تماماً مع الدين ومع القيم التي حملتها السيدة الطاهرة صاحبة الذكري.. فقد اختلط النساء بالرجال في خيام المريدين الذين جاءوا يلتمسون البركة ومعهم بلاليص المش والعسل الأسود ومواقد الطهي التي تهدد الخيام بالحرائق.. ناهيك عن انتشار التلوث في الطعام والشراب.
كل هذا حدث كما كان يحدث كل عام دون وعي ودون إرشاد.. مشهد كله بؤس وعذاب وفقر ومرض وهل يتم الإعداد له وتهيئته تحت لافتة دينية مزيفة.. مشهد لا علاقة له بالدين ولا بالتصوُّف يقع في ظل غياب تام لرجال الأمن رغم أنه علي بعد خطوات من قسم الشرطة ورئاسة الحي.
أين الأزهر ورجاله ودعاته؟! أين الأوقاف والخطباء وقوافل الدعوة وقوافل التوعية الدينية؟!.. أين رئاسة الطرق الصوفية ومسئولوها؟!.. أين أصحاب الكلام الفخيم عن التجديد والتطوير والترشيد؟!
كلهم مسئولون عن هذا المشهد البئيس.. المشهد الذي يجمع أُناساً جاءوا يحملون جهلهم للحصول علي البركات.. لكنهم يعودون إلي محافظاتهم محمَّلين بالأمراض النفسية والبدنية.. والدين براء من كل ذلك.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف