أحمد كامل البحيرى
بيان الداخلية وفيديو أنصار بيت المقدس
بث تنظيم بيت المقدس الإرهابي فيديو تحت عنوان (إثبات الوجود) يحمل مشاهد لعمليات قنص لجنود بالقوات المسلحة بسيناء. ويأتي بث هذا الفيديو بعد يومين من إعلان التنظيم تبني العمليتين الإرهابيتين اللتين استهدفتا كنيستي (مار جرجس بطنطا ومار مرقس بالإسكندرية)، في محاولة من تنظيم بيت المقدس لإظهار -للرأي العام من ناحية ولأعضاء وجمهور التنظيم من ناحية أخرى- أن قدرة التنظيم في تنامٍ، وأنه قادر على تحقيق انتصارات في أكثر من مكان بمصر، في وقت يقع فيه التنظيم الإرهابي تحت حصار عنيف من قبل الدولة المصرية، وفقدانه الكثير من قدراته، سواء من حيث السيطرة على الأرض أو القيام بعمليات كبرى في سيناء منذ هزيمة يوليو ٢٠١٥، بجانب فقدان التنظيم العديد من عناصره المؤثرة بالتنظيم وآخرهم الإرهابي (أبو أنس الأنصاري) الذي تم قتله من قبل قوات الأمن في نهاية الشهر الماضي (مارس ٢٠١٧). وبعيدا عن تحليل مضمون الفيديو وهو ليس الفيديو الأول الذي يقوم تنظيم بيت المقدس ببثه، حيث قام التنظيم الإرهابي بعمل فيديوهين سابقين شبيهين بفيديو (صاعقات القلوب)، وكان آخرها فيديو تم بثه في مطلع العام الجاري، وكان العامل المشترك في الفيديوهات الثلاثة الخاصة بقنص جنود مصريين بسيناء هو السلاح المستخدم في عمليات القنص. هذا السلاح الذي يحمل اسم (شاهر) بالفارسية، وهو سلاح قنص معدل من إنتاج دولة إيران يحمل اسم (صياد ٢) من العيار ١٤.٥ ملم، بعمق اختراق ٥٠ ملم = ٥ سم = ٢ إنش، ومدى القنص ٤٠٠٠ متر، وهو سلاح معدل ومطور من السلاح النمساوي الصنع عيار ١٢.٧ملم، الذي يحمل اسم (شتاير اج اس)، وهنا يأتي التساؤل: كيف وصل هذا السلاح إلى يد تنظيم بيت المقدس في سيناء؟ مع العلم أن هذا السلاح ليس متوفرا إلا في عدد محدود من دول العالم، بجانب بعض التنظيمات الفاعلة من دون الدول (حماس نموذجا)، فهل يمكن أن تعطي إيران هذا السلاح لتنظيم بيت المقدس؟ والإجابة (لا)، لماذا؟ على الرغم من أن السياسة بين الدول تحمل كل الاحتمالات فإن العلاقات بين مصر وإيران وإن كانت متجمدة في العلن خلال المرحلة السابقة والحالية فإن هناك بعض القواسم المشتركة بين الجانبين في بعض الملفات الإقليمية، وكلا الطرفين يريد الآخر (في الغرف المغلقة)، فمصلحة إيران ومصر بسوريا والعراق تتقارب، ومهددات تنظيم داعش على مصر وسوريا والعراق واحدة، ومن هنا فإن احتمالية الدعم الإيراني المباشر لتنظيم بيت المقدس تتراجع لصالح إمكانية حصول تنظيم بيت المقدس سلاح القنص من بعض الفاعلين من دون الدول، وهنا يأتي التساؤل: من؟ أو بمعنى أدق: هل هناك علاقة بين الانشقاقات في تنظيم عز الدين القسام (حماس) والتحول في استراتيجية تنظيم بيت المقدس بسيناء وحصول تنظيم بيت المقدس على السلاح؟ (١) اعتقلت حركة حماس الإرهابي عبد الواحد أبو عدرة (٢٠ عاما) من مدينة رفح الفلسطينية بتهمة الانضمام لتنظيم داعش. ويعتبر أبو عدرة واحدا من المقاتلين في وحدة الكوماندوز البحرية في حركة حماس، وتم إطلاق سراح أبو عدرة بعد فترة نتيجة تهديد تنظيم بيت المقدس في سيناء لحماس بعمل عمليات إرهابية ضدها، بجانب تهديد الأعضاء المنتمين لداعش بقطاع غزة لحماس، وهو ما دفع حماس لإطلاق سراح عبد الواحد أبو عدرة. ويعتبر عبد الواحد أبو عدرة هو شقيق (مفلح أبو عدرة) القيادي في تنظيم بيت المقدس الذي تم إعلان مقتله خلال المواجهات مع الجيش المصري قبل عام ونصف العام، وهو ما دفع الإرهابي عبد الواحد أبو عدرة بالانتقال لسيناء والانضمام لتنظيم بيت المقدس في بداية العام الماضي. ويأتي اسم عبد الهلال القشطة الإرهابي الذي قتل في غارة جوية مصرية على أحد معاقل بيت المقدس بسيناء خلال الفترة الماضية، ويعتبر عبد الهلال القشطة عضوا كبيرا في كتائب عز الدين القسام قبل إعلان انشقاقه عن حماس وانضمامه لتنظيم بيت المقدس. ويأتي اسم أبو مالك أبو شويش مساعد قائد الجناح العسكري لحركة حماس ليعلن انفصاله عن التنظيم وانضمامه لتنظيم بيت المقدس، وبعمل حصر لعناصر القسام الذين أعلنوا انشقاقهم عن حماس وانضمامهم لتنظيم بيت المقدس، وهم بإضافة ما تم طرحه (طارق بدوان وهو أحد أفراد النخبة بكتائب عز الدين القسام، وانضم لتنظيم بيت المقدس وتم قتله في ١٧ ديسمبر الماضي ـ محمد أبو سنيمة أحد منفذي هجوم كرم القواديس ـ رشاد أبو سنيمة أحد منفذي هجوم كرم القواديس ـ حسن الجميثني أحد منفذي هجوم كرم القواديس..)، تلك العناصر ذات التدريب العالي بجانب وجود بعض العناصر المفصولة من قبل الأجهزة الأمنية المصرية أعطت دفعة قوية لتنظيم بيت المقدس من حيث التدريب والتأهيل والتنوع القتالي، خصوصا القدرة على استخدام الصواريخ والعبوات الناسفة، لأن بعض تلك العناصر المنشقة عن تنظيم عز الدين القسام هي عناصر من النخبة، وبعضهم كان مسئولا عن صناعة الصواريخ، ومع ارتفاع نسبة الانشقاقات التي تحدث داخل جناح عز الدين القسام وانضمام تلك الأعضاء المنشقة للسلفية الجهادية في غزة وتنظيم بيت المقدس في مصر، كان من السهل على تلك العناصر جلب هذا النوع من السلاح لتنظيم بيت المقدس الإرهابي بسيناء.
( ٢) الملاحظة الثانية أعلنت وزارة الداخلية أمس في بيان رسمي أسماء الخلية الإرهابية المنفذة للعملية الإرهابية بكنيسة (مار مرقس) بالإسكندرية، وكان أغلب أعضاء تلك الخلية من الصعيد من محافظة قنا، وهو ما يطرح تساؤلا: ما العلاقة بين محافظة قنا وتنظيم بيت المقدس في سيناء؟ إبريل ٢٠١٥ يعلن الإرهابي أبو سفيان المصري علي (تويتر) عن قرب إعلان ولاية إسلامية تابعة لتنظيم داعش في الصعيد تحت اسم (الولاية الإسلامية بالصعيد)، وقد تم أخذ هذا الكلام والتصريح من قبل البعض بعدم جدية، ولكن مع عملية كمين النقب التي وقعت في بداية العام الجاري (٢٠١٧)، كانت كل التحليلات تستدعي تصريحات أبي سفيان المصري في عام (٢٠١٥)، ومع إعلان وزارة الداخلية تفاصيل تلك الخلية يستدعي ذلك أخذ تصريحات تلك التنظيمات بمزيد من الجدية وتحليل كل البيانات والتصريحات، سواء كانت على وكالة أعماق أو جريدة النبأ الناطقتين الرسميتين لتنظيم داعش أو الأكونتات على تويتر وفيسبوك القريبة من التنظيمات الإرهابية سواء بمصر أو بدول المنطقة. (على الهامش: أصدر مصطفى كامل محمد واحد من التكفيريين بيان تأسيس جماعة "الصادعون بالحق"، وهي جماعة تكفيرية جديدة- قديمة بمصر وبدول المنطقة. من هي تلك الجماعة؟ ومن هو مصطفي كامل محمد؟ ولماذا في هذا التوقيت؟ وما دلالات وأبعاد ذلك؟ دعونا نناقش ذلك في مساحة أخرى).