مصر تتشح بالسواد والحزن.. كانت هذه حالة أرض الكنانة طوال الأيام الماضية على إثر التفجيرات الإرهابية التى استهدفت كنيستى مارجرجس بالغربية والمرقسية بالإسكندرية والتى أودت بحياة أكثر من 45 روحاً بريئة، لا ذنب لها سوى ابتلاء مصر بعصابات إجرامية لا حدود لإفسادها فى الأرض، كما أصيب خلال تلك التفجيرات أكثر 100 مصرى خلال احتفالهم بأسبوع الآلام والذى تحول إلى آلام وطن تترصده عصابات تسعى لتقويض الأمن فى ربوعه وضرب أهم مصادر قوته ألا وهى وحدته الوطنية التى تجمع عنصرى الأمة مسلمين ومسيحيين. وتحولت شوارع وميادين المحروسة الحزينة إلى سرادقات عزاء ضخمة يتدفق عليها المسلمون قبل المسيحيين ممن حرصوا على توصيل رسالة لا تنسى لقوى الشر مفادها أنه مهما كانت التحديات ومهما أسيلت الدماء وتناثرت الأشلاء فلن يخيفنا إرهابهم ولن تنال جميع مخططاتهم من تفريق أبناء هذا الوطن. وبعيداً عن حالة اليقظة المدهشة التى دفعت جميع المصريين للتكدس أمام المستشفيات ، بعد أن نادى أئمة المساجد فى المصلين للتبرع بالدم لإخواننا المسيحيين ، وإقامة سرادقات العزاء على صوت القرآن الكريم تكريماً وترحماً على أروح ضحايا الغدر والخسة والخيانة.. بعيداً عن كل هذا فإننا يجب علينا الالتفات إلى نعمة كبرى فى هذه المصيبة ألا وهى اختلاط دماء المسلمين والمسيحيين خلال هذه الهجمات الإجرامية.. وكأن هذه إشارة إلهية بأن كل الدم حرام وأن الإرهاب لا يفرق بين مسلم ومسيحى. الأمر الذى يجب التأكيد عليه أيضاً فى هذا المقام ضرورة مراجعة خطط تأمين جميع دور العبادة.. فليس من قبيل المبالغة أو الشطط توقع حدوث انفجار مماثل فى أحد المساجد.. فمادام الهدف ضرب الوحدة الوطنية فلا نتوقع سقفاً محدداً للمؤامرات الشيطانية.. وهذا يستوجب التحلى بأقصى درجات ضبط النفس وإدراك حقيقة فى غاية الأهمية مفادها أن الإرهاب لا دين له. كما يطيب لى أن أترحم على أرواح جميع ضحايا التفجيرات الإرهابية لإخواننا المسيحيين.. ولا يجب أن يفوتنا تقديم التحية والرحمات لأرواح الضحايا من رجال الشرطة الذين قدموا ويقدمون وسيقدمون أرواحهم فداءً لأمن الوطن والمواطنين. ولا يفوتنى أن أربت على كتف الحكومة والقيادة السياسية مشفقاً عليهم من الاختبارات العصيبة التى تمر بها بلدنا الأمين مصر ومجدداً الثقة فى قدرتهم على العبور بسفينة الوطن إلى بر الأمان رغم كل العواصف والنيران التى تحاول هدم استقرار الوطن.. وأشدد على جميع القوى الوطنية (سياسيين وإعلاميين ورجال دين وكل المصريين أجمعين) ضرورة الاصطفاف الوطنى فى هذه الظروف الحاسمة التى يختبر فيها الوطن فى أعز ما يملك.. أرواح أبنائه الأبرياء. والتحية واجبة أيضاً لرجال القوات المسلحة الذين يفدون تراب الوطن بأرواحهم دفاعًا وزوداً عن كل حبة رمل.. والله تعالى أسأل أن يوفقهم على طريق الحق والسداد فى مواجهة أعداء الوطن الذين يدفعون بعناصرهم الإرهابية لتقويض الأمن فى البلاد.. حفظ الله مصر. كلمة أخيرة لا يجب أن يمر اتهام مندوب روسيا فى مجلس الأمن لبريطانيا بتدبير تفجيرات الكنائس فى مصر مرور الكرام .. فيجب أن ندرس هذا الموقف بجميع أبعاده مع الوضع فى الاعتبار أن هذه الهجمات الإرهابية جاءت عقب موقف مصر الداعم للشرعية فى سوريا فى أعقاب الضربة الأمريكية للأراضى السورية.