محمد أمين المصرى
كلمات .. رفقا بجيران وطلبة «حنان»
لم تكن حنان منيب، أستاذة الأدب الفرنسي، فى مصر وقت تفجير الكنيسة البطرسية، وبمجرد عودتها من المطار وذهابها الى والدتها للاطمئنان عليها من وعكة صحية ،علمت أن والدة جارتهم ماريان فى منزلهم القديم استشهدت فى التفجير المشئوم. ولم تمنعها سنها المتقدمة وأمراضها الكثيرة من الذهاب الى كنيستها للعبادة كعادتها، ولكن المجرم الإرهابى قرر بعد الحصول على تعليمات شياطينه آلا ترى والدة ماريان منزلها ، فذهبت الى خالقها مع أخريات كثيرات. ولم تجد حنان منيب كلمة تقولها لجارتها ماريان فى وفاة أمها الغالية على يد من يدعى أنه يدافع عن الإسلام وهو أجهل من دابة.
اختلف حظ حنان منيب فى تفجير كنيستى طنطا والإسكندرية، فكانت فى مدينتها 6 اكتوبر، ولكنها أحست بوجع بمجرد سماعها الأخبار السيئة التى هلت صباحا بدلا من أغانى الصباح الوردية والمتفائلة التى اعتدنا عليها. ارتعشت منيب فى مكانها ولم تقو على الحركة كأن شيئا صلبا يمنع قدميها من التحرك، وفجأة فكرت فى طلابها بالكلية،مايكل وجورج وجوزيف ولينا وغيرهم، فقد خافت أن يكون أحدهم أو زملاؤهم جرى له مكروه فى الحادثين، خاصة أن بعضهم من المغتربين. ومنهم من ألح عليها الموافقة على تأجيل امتحانه الشفوى لحين الاحتفال بأحد السعف مع أسرته، ولكن حنان منيب على موقفها بالرفض، حتى استحلفها مايكل بـ«النبي»، وهنا انطلقت منها ضحكة بريئة لتضحك القاعة كلها بضحك زملاء مايكل، الذين ينتظرون التخرج قريبا، وتعتبرهم أستاذتهم مثل ابنها.
كتبت حنان منيب تقول عن مايكل :نظرت إليه كأم حانية رق قلبها لتوسلات ابنها، وبنظرة خبيثة وابتسامة كريمة أجبته :«يعنى لو أجلت الامتحان بعد العيد» فقاطعنى بعفويته المعتادة : «أوعد حضرتك إنى أجيب إمتياز». وتهللت أسارير جميع الطلاب بعد نجاح مفاوضات مايكل.
تذكرت أستاذة الأدب الفرنسى هذا الحوار الذى دار قبل يوم واحد فقط ، وهى تستمع لأخبار الأحد الدامي، ارتجف قلبها، ولم تنبس ببنت شفة، خشية سماع ما يكدرها، أن يكون مايكل أو زملاؤه ضمن الضحايا الأبرياء. ثم خشيت أن يكون طالبها المجتهد «مؤمن» قد تحول الى مشروع إرهابى منذ لحظة وقوعه فى براثن الدكتورة (....) الأستاذة فى نفس القسم، التى تولت دور الشيطان فى تجنيد الطلاب ليتحولوا الى إرهابيين.