الوفد
عصام العبيدى
إشراقات: الانتقام.. من عائلة الانتحارى جريمة!!
مع تعدد وقوع «العمليات الانتحارية» فى الآونة الأخيرة.. وسقوط عشرات الشهداء من المدنيين ورجال الشرطة.. ارتفعت مؤخراً نبرة عالية.. تطالب بضرورة اتخاذ إجراءات انتقامية.. من أسر هؤلاء الانتحاريين.. لردعهم قبل قيامهم بعملياتهم الإجرامية.. عبر عن هذا الاتجاه بوضوح.. ما كتبه الصديق.. فؤاد أبو هميلة المعد التليفزيونى المجتهد، على صفحته الشخصية على الفيس بوك.. فقد كتب صديقى العزيز هذه الكلمات الغاضبة.. والتى عبرت بشكل أو بآخر.. عن رأى قطاع عريض من الجماهير فقال فيها:
- «من أدوات الردع ﻷى شخص يفكر فى القيام بعمل إرهابى إنه يعلم إن أسرته ستعاقب بسبب فعله المجرم، وأنه سيتم حرمان أولاده من التعليم وحرمان أفراد عائلته من الالتحاق بالوظائف الحكومية أو الاستفادة بأى خدمات تقدمها الدولة للمواطن، ونشر أسماء عائلته بالكامل فى سجلات سوداء، وتأميم ممتلكاتهم إن كانوا من ذوى الأملاك ووضعهم تحت الإقامة الجبرية مدى الحياة، الإرهابى يتم أطفال وشرد أسر ودمرها وهدد أمن وسلامة المجتمع بالكامل لذلك فالجزاء لابد وأن يكون من جنس العمل».
ومع ثقتى فى حسن نية الصديق.. إلا أن هذا الكلام بالغ الخطورة.. وبالغ الدلالة.. فنحن لا نريد أن نقابل التطرف.. بتطرف مقابل.. وإلا دخلت بلادنا فى منعطف بالغ الخطورة.. خاصة أننا دولة يحكمها القانون.. ولسنا عصابة تحكمها شريعة الغاب!!
فالعدل أساس الملك.. والعدل الإلهى يقول.. فى الآية 124 من سورة الأنعام «وﻻ تزر وازرة وزر أخرى».. وهذا معناه بكل وضوح لماذا نحمل أى إنسان ذنب إنسان آخر.. أياً كان هذا الجرم الذى ارتكبه.. فكيف نحمل أسرته.. عاقبة جرمه؟!
بل لا نبالغ إذا ما قلنا.. إن هذه الأسر- أحياناً - تستحق التعاطف لا الانتقام والتنكيل.. لأنها قد تكون أول ضحايا إجرام ابنها.. لأنها لا تستطيع منعه من إجرامه.. أو حتى الإبلاغ عنه.. إذا ما سلك طريق الانحراف. .للاعتبارات الإنسانية من ناحية.. وأملاً فى إصلاحه من ناحية أخرى.
لهذا فإن هذا الاقتراح مرفوض تماماً.. لأنه غير معمول به.. إلا فى إسرائيل. .والتى تقوم بهدم منازل أسر الشهداء - أو من تسميهم هى بالانتحاريين - الفلسطينيين بالجرافات.. وتشريد أهله وايقاع بالغ الأذى بهم.. ومع ذلك فشلت إسرائيل.. فى إيقاف مثل هذه العمليات.. والتى هى من قبيل الاستشهاد.. فى فلسطين المحتلة.. ولكنها عمليات انتحارية إجرامية فى بلادنا الآمنة.
فكما قلت من قبل.. فمهما كان جرم الشخص فما ذنب أهله؟!
فلن يكون الحل أبداً.. للتطرف هو الدخول فى تطرف مقابل.. وإلا دخلنا فى دائرة مفرغة.. من التطرف والتطرف المقابل.. وإلا تحولت بلادنا بالتالى إلى غابة!!
والخطورة الكبرى هنا.. إذا تبنت الدولة مثل هذا الاقتراح المدمر.. خاصة إذا ما تلقفته ألسنة.. مذيعى برامج التوك شو المسائية والصباحية.. وهؤلاء للأسف يشكلون عقلية جانب كبير من الرأى العام.. مع ارتفاع نسبة الجهل والأمية فى بلادنا.. حتى بين أنصاف المتعلمين!!
كما أنهم أصحاب كلمة مسموعة.. من قبل المسئولين.. لذلك تأتى خطورة تبنيهم.. لمثل هذه الاقتراحات بالغة التطرف.. والتى لن تخدمنا أبداً فى مجال مكافحة الإرهاب.. بل ستعمل على «تفريخ» إرهابيين جدد.. فبدلاً من أن يكون فى الأسرة الواحدة انتحارى واحد.. فمع تطبيق هذا الاقتراح الظالم.. قد تتحول الأسرة كلها أو بعضها.. لمشاريع انتحاريين!!
أما الشىء الأخير هنا.. والذى يجعل مثل هذا الاقتراح مرفوضاً بالثلث.. فهو أن «الانتحارى» وقد ضحى بحياته نفسها - وهى أغلى ما يملك الإنسان - فمن غير المنطقى.. أن تردعه مثل هذه الإجراءات الانتقامية من أسرته بعد مصرعه.. فهو يتخيل - زوراً - أن ما يقدم عليه.. هو أسرع الطرق وصولاً به إلى الجنة!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف