الصباح
طارق الطنطاوى
الطريق الدايرى
الطريق الدايرى يحتضر بعدما احتضر عليه الآلاف منذ افتتاحه. طريق على أسوأ مستوى ويستحق من ساهموا فى تخطيطه وتنفيذه أن يلقوا نفس مصير من يستخدمونه.. طريق معظمه مظلم.. وحتى الأجزاء المضيئة منه إضاءتها ضعيفة وزى قلتها.. طريق سريع فيه حفر ومرشوش حواليها شوية مطبات ومقبات (المقب عكس المطب).. مطب يطببك تحت ومقب يقببك فوق.. أجزاء عريضة ثم أجزاء ضيقة.. وعند الانتقال من جزء عريض لجزء ضيق يكون الاختناق.. وعند حدوث العكس يكون الانفلات.. طريق بلا خدمات ولا كاميرات (إلا كام واحدة معروفين بالاسم والموقع).. طريق ترتع عليه كل وسائل النقل المنتمية لكل العصور الحديثة والوسطى والقديمة.. طريق يشهد من وقت للتانى عمليات قرصنة وبلطجة ضد المواطنين.. طريق يسلبك ويسلب حتى خرائط جوجل إمكانية تحديدك لموعد ما إن كنت ستمر عليه وأنت فى طريقك لهذا الموعد.. فرحلتك قد تستغرق ما بين الساعة والثلاث ساعات حسب كثافة الاستخدام وأعطال السيارات وحوادثها.. طريق يلعنه المضطرون لاستخدامه من مرضى السكر الذين باتوا يستعدون له بزجاجات المياه الفارغة لقضاء حاجتهم فيها إن طال بهم أمد الانتظار عليه وهو يهتز من تحتهم ويرتج وكأنه على وشك السقوط.. طريق تدخله بعربيتك وإنت بتدعى إنك تطلع منه سالم أوتطلع منه بعربيتك.. طريق لا يستحق أن يطلق عليه طريق.

هذا الطريق الملعون الذى بات يربط شمال مصر بجنوبها وتمر عليه آلاف السيارات يوميًا أصاب بلعناته أيضا كل العمارات التى فوجئ سكانها بهذا الأخطبوط وهو يتغلغل بينهم ليدمر حياتهم بضوضائه وتلوثه على مدار ٢٤ ساعة فى اليوم.. وأصاب أيضًا بلعنته كل المناطق التى يمر من فوقها، والتى تحولت إلى مقالب للزبالة أو ردش لعمليات الهدم أو أوكار للمجرمين.. بل أصبح يمثل تهديدًا مباشرًا لمن يمر أسفله بعدما تزايدت معدلات انقلاب سيارات النقل من أعلاه لتطحن من يمر أدناه.

هذا المدعو طريق يعانى من إهمال يكاد يكون متعمدًا.. والكل يتبرأ منه ويتغاضى عنه وكأنه ابن سفاح (اللهم إلا فى منطقتى القاهرة الجديدة والتجمع باعتبارهما استثناءً فى كل شىء).. فى الوقت الذى تقام فيه آلاف الكيلومترات من الطرق الجديدة وينفق عليها عشرات المليارات لتكون على مستوى متميز على الرغم من أنها لن تخدم ربع عدد من يستخدمون هذا المدعو طريق.

وحتى لا نصنف ممن يلعنون الظلام ولا يضيئون شمعة.. أشعل اليوم ومن خلال هذا المقال شمعتين.. الأولى على أرواح الأبرياء الذين فقدناهم.. والثانية تتمثل فى دعوتى وأمنيتى وأملى ورجائى فى أن يتبنى هذا الطريق الشركة الوطنية للطرق التابعة للقوات المسلحة كما تبنت استكمال وتشغيل طريق القاهرة إسكندرية الصحراوى الذى شهد له وللشركة الجميع.. وحتى لا يكون هذا اللقيط عبئًا على الشركة الوطنية.. وحتى لا يكون سببًا للخصم من رصيدها الكبير فى قلوب المواطنين.. فلابد أن يكون لها ولاية كاملة عليه لتتمكن من تحقيق الإيرادات اللازمة لتغطية أعباء إصلاحه وإدارته وصيانته.. وهذه الإيرادات يمكن أن تتحقق بفرض رسم إضافى عند ترخيص سيارات محافظتى القاهرة والجيزة باعتبارهما أكثر المستفيدين منه، وأكثر الراغبين فى أن يصبح طريق.. ويضاف إليه ما قد يتحقق من إيرادات الإعلانات عليه.. وما قد تحققه بعض الخدمات التى يمكن إقامتها عليه فى بعض المناطق مثل الأكشاك أو دورات المياه.. وفوق ذلك قيمة المخالفات التى ترتكبها السيارات أثناء المرور عليه.. وما أكثرها وأفدحها.

ساعتها ح يبقى عندنا طريق.. ومتسفلت كويس.. ومنور بجد. وكمان مراقب بشكل يسهل حركة المرور الآمن والسريع عليه.. وطبعًا ممكن الشركة الوطنية تتشارك مع القطاع الخاص فى الموضوع ده.. ويكون دورها التيسير والمراقبة.. ويكون دور القطاع الخاص المشاركة فى التمويل والإدارة ويبقى الكل كسبان.. الدولة والمواطن والقطاع الخاص.

وختامًا سلامًا لكل ضحايا هذا المدعو طريق.. وختامًا سلامًا لكل من يساهم فى أن يصبح طريق.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف