جلال دويدار
كيف أصبح الصعيد مصدر تفريخ للإرهاب
لا يجب النظر الي نتائج ما توصل اليه رجال الامن وبحوث المعامل الجنائية والطبية بشأن هوية الذين ارتكبوا هجومي كنيستي طنطا والاسكندرية. دون بحث وتحليل فيما يتعلق بانتماء معظم المتهمين والمشتبه بهم الي محافظة قنا بالصعيد..
ما تم اعلانه يعد مؤشرا خطيرا تم التحذير منه ومن الاسباب التي تقف وراءه وكلها تتركز حول الاوضاع المعيشية الصعبة وما يتولد عنها من يأس يعاني منه ابناء هذا الاقليم. كان نتيجة هذه الاوضاع.. نجاح التنظيمات المتطرفة في استقطاب بعض شبابه وتجهيزهم لتنفيذ مخططاتهم. كان سلاحهم.. المال وعمليات غسيل المخ القائمة علي الضلال والخداع وتحريف التعاليم الدينية. اذن وبناء علي هذه المعلومات وما يحدث علي ارض الواقع تحول الصعيد الي مرتع وساحة لنشر التطرف.
أحد الشواهد علي هذه الحقيقة ما كشفت عنه نتائج فرز الاصوات في الانتخابات الرئاسية ٢٠١٢ والتي أتاحت لجماعة الارهاب حكم مصر مدعومة بعمليات التزوير والتهديدات المسلحة.
كل هذه المعلومات المتوافرة كانت جديرة بأن تحظي بالبحث والدراسة بعد ثورة الشعب في ٣٠ يونيو التي اسقطت الحكم الاخواني. كان علي دولة ٣٠ يونيو التي وقع علي كاهلها انتشال مصر من محنة فترة الحكم الاخواني السوداء ان تعمل علي معالجة الاسباب والدوافع التي سمحت لهذه الجماعة الارهابية بالسطو علي حكم مصر. كان واضحا امامي وفقا لما كشفت عنه المعلومات خطورة وقوع الصعيد فريسة لجماعات التطرف استغلالا للظروف القاسية التي عاني منها ابنائه.
الجهود المبذولة فيما يتعلق بتنمية الصعيد لم تخرج حتي الان عن مجرد تصريحات ووعود لم يحقق منها شيء حتي الان يمكن ان يشعر به الصعايدة.. التأخر في الاحساس بالعوائد كان عاملا مشجعا لازدياد نشاط المتطرفين. ان مواجهة هذا الخطر الداهم كان يحتم علي اجهزة الدولة ان تشمر عن سواعدها وتوجه اقصي ما يمكنه من جهد لمواجهة هذا الفكر الارهابي. كان يجب ان يتم ذلك من خلال العمل علي القيام بتنمية حقيقية للصعيد عملا وفعلا.
الاستهانة بالتحذيرات وانذارات الخطر التي جري اطلاقها في هذا الشأن لم تلق وللاسف آذانا صاغية تتفهم حقيقة وخطورة هذا الامر. هذا الوضع كان يتطلب التصدي للمشاكل ذات الابعاد الاقتصادية والاجتماعية. هذا التحرك كان يجب ان يصحبه تكثيف المؤسسات الدينية التي يقودها الازهر الشريف بما له من نفوذ وتأثير في هذه المنطقة.. من تواجدها ونشاطها لدحض ما يتم الترويج له استغلالا للدين. كان عليها العمل علي التوعية بالتعاليم والقيم الصحيحة للاسلام التي تدعو الي السلام وتحرم القتل والعنف. حان الوقت بان يدرك المسئولون في دولتنا ان انحراف جانب من الشباب في الصعيد نحو التطرف انما يعود وبشكل اساسي الي انتشار الفقر وانعدام فرص العمل نتيجة غياب التنمية علي مدي سنوات وسنوات.
ان نزع فتيل هذا الخطر القادم من هذا الجزء المهم والغالي من هذا الوطن يتطلب خطة عاجلة وفاعلة للتنمية تشمل الجوانب التعليمية والدينية والاستثمارية. بالطبع فانه لا يمكن تحقيق هذا الهدف الا من خلال جذب العناصر القادرة علي تقديم المساعدة لتنمية الصعيد. لابد من حوافز للافراد والشركات لتقديم احسن ما عندهم لسرعة النهوض بهذه المنطقة وانتشالها من الحياة المتدنية التي يعيشها اهلها. من المؤكد ان الوصول الي هذه الغاية هو السلاح الأمضي الذي يمكننا من مواجهة التطرف وما يتولد عنه من ارهاب يستهدف حياة البشر وتدمير مقدرات هذه الامة.