منذ سبع سنوات، فى صحيفتى هذه وعمودى هذا، استقبلت فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، بمقالى قلم ولغم «الإمام الطيب» ـ وهو فى أسبوعه الأول الذى تولى فيه مسئولية المشيخة، إبريل عام ٢٠١٠ ـ قدمت به لفضيلته رؤيتى، وجدت من المناسب اليوم إعادة نشره للتذكير بما طرحت لعله يجد آذانا صاغية ونحن فى ظل احتدام الجدل والحاجة الملحة لعلاج الثغرات والتطوير. «الإمام الطيب» ذلك المسجد العتيق الجامع والجامعة.. الأزهر الشريف كان ولا يزال يشحن النفوس بالإيمان ويهديها طريق السبيل.. يرسخ الوسطية، يحارب الجهل والتطرف.... رحل عنه شيخ جليل ـ رحمه الله ـ وتولى مسئوليته عالم قدير نظن به خيرًا، ونقدر حجم التحديات الجسام التى تواجهه ـ أعانه الله عليها. فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب.. لا شك نقدر دور مؤسسة الأزهر الشريف، ورجالها ودورهم الإعلامى الدعوى، فما يؤدونه نوع من أنواع الاتصال المباشر التنويرى الذى يتخطى حدود الوطن إلى العالم العربى والإسلامى. ومن هنا تأتى أهمية المصارحة، الأزهر أصابه الوهن، وإن كان قلبه مازال نابضًا قادرًا على إعادة ضخ الدماء فى شرايين جسده المترامى، والعرض يمكن تحسسه فى غلبة الخطاب الدينى المتطرف، الذى يتبناه الدعاة الهواة من المنتمين لجماعات سياسية، والمفتقدين للمؤهلات العلمية والمتربحين بالدين على الفضائيات. نعم هؤلاء ليسوا بخريجى الأزهر الشريف، لكن جزءًا من نموهم وتمادى مساحة تأثيرهم، نابع من تراجع مستوى خريجى الأزهر، ومن ثم عدد ليس بالقليل من دعاة وزارة الأوقاف يعجزون عن تقديم الخطاب الدينى العقلانى الوسطى للمتلقى، فتخلق بؤراً ينمو فيها التشدد ويترك البسطاء فريسة للخطاب الدينى المتطرف. مهما كان التطرف فالتجربة المصرية والتجارب الدولية تؤكد أن الفكر لا يواجه إلا بالفكر، كما أن المشكلات لا تعالج إلا بالوقوف على جذورها. فالسؤال: لماذا تراجع دور الأزهر؟... فضيلة الإمام.. الأسباب عدة بعض منها أن المعاهد الأزهرية فى النجوع والقرى والمدن، يتبرع بالأرض المقامة عليها مواطنون، بغية توفير فرص عمل لذويهم، ويجمعون تبرعات لبنائها مقابل منح المتبرع فرصة عمل كمدرس وإن كان غير مؤهل، فالكثير من معلمى المراحل الأولى بالمعاهد الأزهرية دون الكفاءة، والغش فى الامتحانات بات أشبه بالظاهرة، وهذا لا ينفى وجود كفاءات قديرة لكن بيئة العمل باتت سلبية. الأخطر أن كليات الدعوة والدراسات الإسلامية تحتل الدرجات الدنيا فى سلم التنسيق، فتستقبل أضعف خريجى الثانوية الأزهرية والحاصلين على الشهادة دور ثانٍ، وأغلبهم يلتحقون بتلك الكليات مجبرين، مفتقدين لموهبة الخطابة والقدرات العقلية والاستعداد النفسى لحمل الرسالة، والأهم هو تدنى دخل دعاة الأوقاف، الأمر الذى يصرفهم عن التفرغ لتحصيل العلم وتنمية القدرات إلى البحث عن سبل إضافية للرزق، كذلك يصرف المتفوقين فى الثانوية عن الإقبال على كليات الدعوة، فى الوقت الذى يحصد فيه دعاة الجماعات السلفية والفضائيات ريالات ودراهم الدول البترولية. جانب آخر مهم متعلق بالتمييز بين طلاب الأزهر وخريجى الجامعات العامة، رغم أن ما أصاب الأزهر أصاب المنظومة التعليمية بشكل عام، والمطلوب الآن دعم الأزهر بكل قوة وإعادة النظر فى عناصر المنظومة، مؤسسات ومناهج ومعلمين وحماية لحق الخريج فى الحياة الكريمة، حتى يفرخ الأزهر كوادر تحارب الجهل والتطرف داخل مصر وخارجها لنحارب التشدد فى منابعه قبل أن يصدر إلينا. فضيلة الإمام.. لا شك نحتاج موقعًا إلكترونيًا إسلاميًا، وقناة فضائية للأزهر الشريف وتطويرًا لمجلة صوت الأزهر.. تفاعلاً من نوع جديد مع وسائل الاتصال الحديث يدعم الوسطية.