الوفد
عاطف دعبس
لوموا أنفسكم قبل الإرهاب!
نعم لوموا أنفسكم قبل ان تلوموا الارهاب، فالإرهاب، لاعقل له ولادين، يسعى فقط لتحقيق مصالحه السياسية أو حتى الدينية وفق فهمه المظلم والمخنوق بأحاديث الافك والضلال والاستباحة.
أما وقود الارهاب فقد وجدوه فى أرض خصبة بالجهل والفقر والمرض، لفئة معدومة تكاد تعيش على حافة الحياة، بعيدا عن الاضواء ونعم الدنيا التى لايسمعون عنها، فهم حتى لايصلهم تليفزيون قناة أرضية، بشر مثلنا مازالوا يقضون حاجتهم فى حفر العراء الفاضح، يمسون فى ظلام دامس ولايحبون بل يمارسون حياتهم على ضوء القمر بلا حس ولاسحر، وفى النهار تلسعهم الشمس بحرقتها النارية فحتى الاشجار لاتحميهم ولا قماش الخيام!
ناس مثلنا لايعرفون اسم الرسول ولا يحفظون حتى فاتحة الكتاب، يعرفون عن الاسلام او حتى كل الاديان مايصلهم ممن قدم له لقمة خبز " طرية " مغموسة بقليل من دهن وزيت! فيسيرون معه الى مالا نهاية وينفذون أوامره وتكليفاته وكأنه مبعوث العناية الإلهية!
لا تلوموا إلا أنفسكم فقد قصرتم فى حق هؤلاء البشر فأصبحوا عجينة طرية أو قل قطعة من طين صلصال تشكله كيف شئت ومتى رغبت، وهذا ما حدث ومازال يحدث وسط غياب تام من أولى الالباب وأصحاب المقامات على كل المستويات.
حتى الآن مازال بشر منا لا يعرف عنا سوى خرافات، يسمعون عن الفضائيات كأنها من عالم الفضاء، لا يأكلون "الرز" ولايشربون الا الشاى المحروق بالمر، لايعرفون الا الطب الصحراوى وشرب منقوع الاعشاب ومغلى أوراق الشجر.
مهما فعلنا لمقاومة الارهاب فلن نستطيع طالما هناك بشر يعيش ظلام الليل وجهل الفكر ومرض البدن.
نتكلم عن التقصير والخطاب الدينى وفتاوى شيوخ " اللهم شتت جمعهم " وننسى أن فقهاء الفتنة لا يفجرون أجسادهم البدينة بشحم موائد ـ الخراف ـ وعوائد فقههم المريض بالبنوك ودعاويهم المضللة، ولكنهم يفجرون أجساد لاتعرف أصلا ترف الحياة ويعيشون على الجفاف والكفاف.
حتى الآن هناك بشر فينا يشرب من الآبار مع الجمال ويقضون حاجتهم كما الحيوان.
سنحرث البحر ونضرب الهواء ونطارد الاشباح، إذا بقينا فى دائرة مواجهة الإرهاب عبر الفضائيات ومطاردة الأثرياء.
توجهوا فورا لمنابع المرشحين للتفجير والمؤهلين لتقديم أرواحهم لنعم السماء والحور العين، مدوا لهم أنابيب المياه النظيفة ونور الله على ارضه، فهذه الفئات المنسية هى التى تستهدفنا بجهلنا لهم و جهلهم بنا، لا يفرق معهم تفجيرنا لاننا غرباء عنهم وهم غرباء عنا بفعلنا وظلمنا وجهلنا بأهمية تحقيق الحياة بعدل الله على خلقه.
نلوم انفسنا لأننا لم نعلم سكان قرى ونجوع وكفور بالصعيد والدلتا، لانعرفها ولا نعرفهم، نفخر نحن بحياتنا المترفة والبائسة بارتفاع الأسعار، ونعرف أن هناك شبابا لم ير شاشة التليفزيون إلا عندما نزل بعضهم للقاهرة المحروسة للبحث عن الحياة،، يرفضون الإجازات حتى لا يتركوا نعمة اللقمة المغموسة بالدهن والزيت.
سارعوا بتوصيل الحياة لمنابع الإرهاب لوقف مدد داعش بالأجساد الكارهة والناقمة على الحياة وتسعى الى رحابة السماء والحور العين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف