الوفد
علاء عريبى
رؤى .. مستشارًا دينيًا للرئيس
الذي نفهمه ونعرفه أن المؤسسات الدينية هي المرجعية الوحيدة للحاكم، يعود إليها هو وحكومته لمعرفة شرعية بعض القرارات والقوانين، وفى بلد مثل مصر تعد مؤسسة الأزهر هى الجهة الأم التي يجب أن تتبع ويسترشد بعلمها في تصريف أمورنا الحياتية والدينية، وتاريخ مصر عبر مئات السنوات يشهد باعتماد الحكام على الأزهر لتثبيت دعائم حكمهم، سواء تولى ببيعة أو انقلاب أو ثورة، حتى من تولوا الحكم بالوراثة حصلوا على صكوك من الرموز الدينية، ويشهد التاريخ أيضا بأن هؤلاء الحكام كانوا يعودون إلى مشايخ الأزهر فى الأمور المرتبطة بالحلال والحرام، صحيح كانت تقع بعض الدسائس، ويغضب الحاكم على المفتى أو على شيخ الأزهر، ويصدر فرمانًا بعزله، لكن هذه الحوادث لم تقلل أبدًا من مكانة وهيبة شيخ الأزهر، ولا من دوره في إرشاد الحاكم وتبصيرته في المسائل المتعلقة بالدين الحنيف.
والذي يعود بالذاكرة إلى الأيام الأخيرة من حكم جماعة الإخوان المسلمين، يتذكر جيدا لجوء الرئيس السيسى إلى شيخ الأزهر، وبابا الكرازة المرقسية، إضافة إلى بعض النخب السياسية، ليظهروا معه خلال إلقاء بيان عزل الرئيس محمد مرسى، لكى يؤكد للجماهير المؤيدة والغاضبة والمطالبة بالتغيير، شرعية القرارات التى يعلنها، وليوضح للعالم أجمع أنه يحمل صكًا من قيادات المرجعية الدينية بشرعية عزل الحاكم المسلم الظالم، ونظن أن ما قام به السيسى يومها لم يختلف عما كان يقوم به الحكام عبر تاريخنا الإسلامي.
من هنا لنا أن نبدى دهشتنا من تعيين الرئيس السيسى مستشارًا له فى الشئون الدينية، ولا نعرف معنى لأن يتجاهل الرئيس المؤسسات الدينية التى يسترشد بها حكام وشعوب الدول الإسلامية، ويلجأ إلى شاب لم تكتمل أدواته وخبراته بعد، هل لجأ الرئيس إلى هذا الشاب لعدم اعترافه بدور وبعلم قيادات المؤسسات الدينية؟، هل هذا الشاب يمتلك علمًا وخبرة أكبر من شيخ ومشايخ الأزهر ومن مفتى الجمهورية ومن أساتذته فى جامعة الأزهر؟، لماذا يلجأ الرئيس إلى شاب محدود الثقافة وقليل الخبرة متجاهلًا كبار العلماء فى المؤسسات الدينية الرسمية؟. هل ليسترشد به فى أموره الخاصة؟، هل لكى يؤسس لخطاب دينى حكومي جديد؟.
نظن أن تجديد الخطاب الديني لن يتحقق بتشويه مؤسسة الأزهر أو بتجاهل قيادتها، ولا بإقامة الندوات والمؤتمرات الفكرية والفقهية، ولا بتنقية كتب التراث من بعض الأفكار المتشددة والمشوهة أو حتى بحرق هذه الكتب، الخطاب الدينى هو فى مجمله أفكار، وعادات، وسلوكيات يمارسها ويتنفسها المواطن يوميًا، فقد نشأ وتربى عليها منذ نعومة أظافره، فى البيت، والمدرسة، والمسجد، ووسائل الإعلام، وعلى المقهى، وفى العمل، وتطوير وتغيير هذا الخطاب ليس بزر تكبس عليه قيادات الأزهر أو نجوم الإعلام، بل بغرس أفكار، وسلوكيات، وعادات بديلة عبر الزمن، قد يقبل بعضها المواطن، وقد يمارس بعضها الآخر، لكن من المؤكد أن الأطفال سوف يتنفسونها ويمارسونها فى حياتهم اليومية عندما نقوم بتنشئتهم وتربيتهم عليها.
على أية حال، نعود ونكرر السؤال: ما هى مبررات الرئيس لتعيين مستشار دينى، بغض النظر عن أدواته وثقافته وخبراته وقدراته، فى ظل وجود مؤسسات دينية رسمية؟.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف