الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
ذكريات .. العيش البايت .. والخبر الطازج
في منتصف الأربعينيات.. وكانت نقابة الصحافة وليدة.. في أحد اجتماعات المجلس أثار أحد الأعضاء فكرة أخذ إجازة يوماً ما كل عام.. تعالوا نختار يوم عيد للصحافة لا نعمل خلاله.. بالاجماع تم اختيار يوم شم النسيم هو العيد الصحفي بعيداً عن الأعياد الدينية المختلفة أو الأعياد الأوروبية الغريبة مثل عيد الحب مثلاً.
كان عدد الصحفيين قليلاً فكان العمل كل يوم.. طوال السنة.. لا "نبطشيات" ولا اجازات قط.. وتم الاتفاق علي أن تكون الاجازة يوم شم النسيم نفسه ولا تصدر الصحف يوم الثلاثاء الذي يليه.. وهي ليست اجازة للصحفيين فقط.. اجازة لكل العاملين بالجريدة.. عمال المطبعة والاداريين.. أيضاً السعاة.. كل من بالجريدة وأيضاً اجازة لبائعي الصحف الذين يحملون الأعداد المختلفة لكل الصحف ويطوفون في الشوارع ويقفون في الميادين ويعلو صوتهم بالمناداة بأسماء ما معهم من صحف.. حتي قطار الصحافة "الساعة الثالثة" صباحاً أخذ إجازة!!!
***
رسامو الكاريكاتير القدامي.. عبدالمنعم رخا وصاروخان وعبدالسميع وبهجت لم يتركوا المناسبة إلا وكان لهم دور ونقاش وتريقة.. رسم احدهم الناس تضحك وفي منتهي السعادة والفرح وكتب:
- من تمتع بالاجازة حقيقة همو القراء الذين أخذوا إجازة من الكلام الفارغ!!!
وقال رسام آخر إن الديوك أيضاً أخذت الاجازة.. فمن المعروف ان الديك الرومي إذا سمع كذبة ما يصيح بأعلي صوته.. لذا تجتمع الديوك كلها فوق أسطح المنازل وتصيح كلها في وقت واحد ساعة الفجر!!.. لماذا؟! لأن هذا موعد طبع الصحف!!!
***
ويبدو أن اختفاء كل الصحف في يوم واحد كان له صدي عالمي ضخم.. وظهرت إشاعات وتعليقات وكلام كثير ليس لها أساس من الصحة.. وكان الموضوع في غير صالح مصر أول دولة غير أوروبية وغير أمريكية تصدر صحفاً!!! لذا بدأ التفكير في أن تختار كل صحيفة يوماً تحتجب فيه لتصدر باقي الصحف كالعادة.. وحدث الخلاف بين أصحاب الصحف.. وهنا كتب علي أمين مقاله المشهور:
- الناس تأكل العيش البايت ولا تقرأ إلا الخبر الطازج!!
وأسدل الستار نهائياً علي اجازات الصحفيين خاصة بعد زيادة عدد الصحفيين وأصبح من الممكن تبادل الاجازات بينهم.
***
كان في مبني النقابة القديم حديقة كانت دائماً مليئة بالأعضاء.. كانوا يفضلون الخضرة حتي لو غاب الماء والوجه الحسن.. وكان في بدروم النقابة سوبر ماركت بأسعار مدعومة محلياً من النقابة فضلاً عن رعاية من وزارة التموين.
لذا أقترح علي الأخ عبدالمحسن سلامة النقيب الجديد إذا كان للنقابة الحالية سطح ممكن تحويله لحديقة.. وهناك شركات متخصصة في هذا الموضوع.. والمصعد موجود للصعود.. وممكن الاتفاق مع شركات السوبر ماركت الكبيرة لعمل ركن بجوار الحديقة مثل زمان.. وعلي يقين ان حديقة السطح ستكون أجمل وأكثر ازدحاماً من سطح نادي السيارات بشارع قصر النيل المزدحم يومياً!! ما رأي سيادة النقيب؟!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف