الجمهورية
صالح ابراهيم
المواطن إيجابي!!
** ضبط الأسعار.. وتوفير السلع الأساسية.. صداع مزمن في رأس الحكومة.. وهاجس خوف دائم في عقل المواطن.. مع صعود حاد في الرسم البياني للمشكلة.. للأسف دون انكسارات.. ربما نلمس تحسناً بعض الوقت.. ولكن ينفلت الأمر في سلعة ما.. بارتفاع مفاجئ في السعر.. أو اختفاء من عروض الكيانات الشهيرة "السوبر ماركت".. لتتدخل الحكومة بحل عاجل لتوفير السلعة.. غالباً الاستيراد.. ليصبح قرارها السابق.. السماح بالتصدير "مثل الأرز" خطأ غير سديد.. تلقي عليه اللوم.. رغم إدراك الجميع بأنه لا حل نهائياً حاسماً لمشاكلنا الاقتصادية.. سوي بمعادلة التصدير والإقلال من الواردات للسلع المستفزة وغيرها.
** ذلك بأن الأمر يتعلق بعلاقة متشابكة بين الحكومة "في جميع مستوياتها" والمواطن "بجميع فئاته".. للتعاون والتواصل والتلاحم والتنسيق في توفير الاحتياجات وضبط الأسعار.. فالحكومة تملك آليات توفير السلع ولديها من الوزارات والهيئات أصحاب النصيب المباشر من هذه المسئولية "الزراعة.. التموين.. هيئة السلع التموينية".. والمسئولة الرئيسية عن الرقابة علي الأسواق.. ومحاسبة المخالفين للسعر والجودة والصلاحية.. وعدم تهريب السلع بين المحافظات "الدقيق.. الوقود.. الأرز".
** أما المواطن فهو المنتج الرئيسي للسلعة.. أو الجالب لها.. وتقديم عروض الترويج في السوق.. وفتح الاعتمادات وتوفير الدولارات.. بمعيار الاقبال المتوقع علي السلعة والربح الوفير يعمل من أجل الربح وليس بفلسفة الضمان الاجتماعي.. ولا يهمه أبداً انتقادات الصحف والاعلام لإدخال السلع المستفزة للبلاد.. ويشارك الحكومة في الاستيراد مباشرة أو بالتقدم إلي عروض المناقصات.. وفي هذا المجال يكون للمستوردين وأعضاء الغرف التجارية واتحاد الصناعات المصرية وجمعيات رجال الأعمال "الكلمة العليا" أيضاً مد يد العون للحكومة لتوفير سلعة تمثل أزمة بالسوق.. وكذلك فكل شخص علي أرض المحروسة هو المستهلك.. لهذه السلع والخدمات.. يتمني الحصول عليها بسهولة وسعر مناسب وفي جميع الأماكن دون اختناقات.. ويدرك الفلسفة الاقتصادية بعدم التسعير الإجباري للسلع.. بعد اعتماد نظام تحرير السلع والبرنامج التدريجي لرفع الدعم عن بعضها والخدمات.. ولكنه يدرك أيضاً أهمية السلوك الأخلاقي للبائع.. ورغبته في الرزق الحلال.. وحتي تتحقق باعمال.. السعر المعقول يحقق المبيعات الأفضل ومن ثم الربح المأمول وبالإضافة إلي رغبته في البيع والشهرة والمنافسة في السوق.. يتطلب الأمر الالتزام بالتسعيرة الاسترشادية.. الموضوعة بدقة وموضوعية وواقعية.. مع جودة في السلع وحسن معاملة.. وعدم الانسياق وراء الشائعات.. والتصدي لحمي التخزين التي تؤدي تلقائياً إلي إشعال السوق السوداء وتجعل من الحصول علي السلعة بسعرها المناسب أمر صعب المنال.
** هذا الاشتباك بين الحكومة والمواطن.. لا يحتاج إلي فض.. أو إلغاء.. علي العكس إذا ما وضع الجميع المصلحة العامة نصب أعينهم.. وقدرة العقول المصرية علي الحل المناسب.. بعد المصارحة بالمواقف واحترام الضمير.. ولدينا الكثير من الأمثلة.. يتصدرها علي سبيل المثال.. منظومة الخبز والنقاط الالكترونية التي انهت تماماً تجارة السوق السوداء في دقيق الغلابة.. واعتمدت التكلفة المناسبة لأصحاب المخابز لإنتاج خبز آدمي خالياً من الشوائب والمسامير.. وفي نفس الوقت حددت نصيباً كافياً لكل أسرة ما يفيض منه.. يصبح نقاطا يحصل بها علي سلع مجانية تزيد قائمتها كل يوم.
** ويطلب الناس دعم مثل هذه التجارب الناجحة.. والجهود المشكورة لجهاز الخدمة بالقوات المسلحة الذي تتواجد منافذه بجوار نقاط التجمع الجماهيرية.. تبيع اللحم والخضراوات بأسعار تكاد تكون رمزية.. وهناك تجربة الأصناف السبعة "تونة وجبنة" وما حققته من جماهيرية امتدت إلي قطاع الأسماك.. ثم صمت الأمر.. وضاعت بديهية الاستمرار التي تضمن استقرار السوق وضبط الأسعار.
** بالنسبة للتسعيرة تتحدث الحكومة عن الزراعة التعاقدية التي تشجع الفلاح علي زراعة المحاصيل الاستراتيجية كقاعدة تستطيع الحكومة بتأمينها التوجه إلي باقي القائمة الطويلة وهناك استنباطات مراكز البحوث الزراعية الواجب تعميمها بالأراضي الجديدة.. وهناك البورصة الزراعية وتجربة بورصة الدواجن ثم هناك الوعي المجتمعي.. الأمر الحاسم في هذا الموضوع.. لقد سبق للشباب ابان الثورة توفير الخضراوات والفاكهة لمستهلكي الأحياء بالتعاقد المباشر علي الأسواق الكبري ويقود البعض حالياً حملات "بلاها لحمة" بعد رفع الجزارين للأسعار دون مبرر.. نستطيع الامتناع بعض الوقت عن سلعة ما.. يضطر المنتج والتاجر إلي التراجع حتي لا يخسر وتمضي دورة رأس المال.. المواطن إيجابي هو المفتاح الحقيقي لتوفير السلع وضبط الأسعار.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف