أدمت تنظيمات الإسلام السياسى قلوب المصريين بتفجيريها الوحشيين لكنيستى مارى جرجس فى طنطا والمرقسية فى الاسكندرية، اللذين أسفرا عن سقوط عشرات القتلى والجرحي، اثناء صلاتهم، يوم الأحد قبل الأخير..وانتظر الإرهابيون «جنى ثمار» الجريمتين، أى تحقيق الفرقة بين ابناء الوطن الواحد والذى تسعى القوى المعادية مصر الى تحقيقه، منذ أواخر القرن التاسع عشر.. كان شعار بريطانيا، إبان احتلالها لمصر، هو «فرق تسد».. وحيث إننا عنصر واحد، وكما أقرت هي، بأنه لا احد يستطيع ان يفرق بين المسلم والمسيحي، إلا عندما يدخل هذا الجامع ليصلى ويدخل ذاك الكنيسة لأداء صلاته، بدأ استخدام جماعة الإخوان المسلمين فى تنفيذ المخطط. ولكن ثورة يوليو قيدته وساعد على ذلك خاصة، الشروع فى تحقيق العدالة الاجتماعية التى كانت حلم المصريين،الذين عانوا البؤس..
أظهر المعدن الأصيل للشعب، والذى تجلى بأروع صوره فى الثلاثين من يونيو، ان الفشل كان ايضا من نصيب عتاة الإرهاب ،فى شق الصف الوطني، بل كانت الإدانة لهذه الأعمال الخيانية الخسيسة،إدانة شبه جماعية، عبرت عنها الملايين بوضوح تام.. وقد استقبل الشعب قرار اعلان حالة الطوارئ بارتياح يقترب من الترحيب، لاجتثاث الإرهاب من جذوره .. حتى الأصوات، المساندة لمخطط التقسيم، سرعان ما خفتت بعدما أيقنت بأن الجريمتين اسفرتا عن نتيجة معاكسة..
ولا يحتاج المرء الى كبير عناء، ليدرك ان هدف الإرهابيين، كان إشعال فتنة طائفية بين مسلمى مصر ومسيحييها ،ومن ثم ،استدعاء الخارج بحجة «حمايةالأقباط»!؟.. لكن النسيج المصرى الذى تحدى بقوته وصلابته،اعتى الأعداء،خرج من هذه المحنة، بمزيد من القوة والمتانة والتحدي.. ويدل توقيت الجريمتين على تخطيط بالغ العداء للوطن، وصورته فى الخارج.. فقد أفزعت مشاهد الضحايا الرأى العام العالمي، والحقت بالاسلام، ما هو برئ منه ولم يقتصر الهدف على تشويه صورة الاسلام ومحاولة إلصاق جريمة قتل عشرات المواطنين، بهذا الدين الحنيف،بل تعداه إلى محاولة إلغاء زيارة قداسة بابا الفاتيكان فرنسيس، وهو ماكان غير لائق بالدولة المصرية وتداعيات ذلك على السياحة.. وما رسخ فى الضمير المصرى ،ان هؤلاء الإرهابيين، يتسمون، رغم بشاعة ما ارتكبوه، بالجبن،حيث يعملون فى الظلام الدامس، المادى والمعنوي.وقد أيقظت الجرائم الأخيرة الوعى الجماعى بأن هؤلاء لا ينتمون لأرض مصر ولا للاسلام،لأنهم لا يجادلون المختلف عنهم بالتى هى أحسن، بل بالقنابل والمتفجرات، وذلك لتهاون الدولة ازاء المحرضين على الكراهية والفرقة وتفعيل مخطط فرق تسد..
وإذا كانت التضحية كبيرة فلا أقل من انتظار ان يكون الوعى الحكومى أكبر، بأن ترك الحبل على الغارب لمثيرى الفتنة والهدم والكراهية، ستكون عواقبه، لا قدر الله، فادحة.. ومن هنا ،كانت مشاهد التلاحم ووحدة الصف والمصير بين المصريين ،أبلغ دليل على ارادة الانتصار على الإرهاب وصانعيه ومنفذيه، وان الملايين التى لا ملاذ لها غير ارض الوطن، وقد دافعت عنه بأرواحها فى ثورة يونيو، عازمة على استنشاق هواء مصر النقي، والهواء لا يفرق بين المصرى المسلم والمصرى القبطي، ولعل الإرهابيين ورعاتهم،يفهمون مغزى كلمات البابا تواضروس، القائلة«وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن»..
اعتقد ان مفهوم المواطنة قد عاد بعد حادث الكنيستين ،الى صدارة الاهتمام ،وكما يؤكد الرئيس السيسى دائما أن «قوتنا فى وحدتنا» فعلينا جميعا تأكيد هذا المعنى العظيم، بطرح سؤال على دعاة الفتنة،هل تفرق اسرائيل فى اعتداءاتها بين المسلم والمسيحي، ام ان دماء المصريين، ايا كانت عقيدتهم الدينية، قد روت سيناء ومناطق اخرى من الوطن؟.. ونحن اليوم نحتفل بشم النسيم باستنشاق النسيم المصرى العريق، وكل عام وكل المصريين بخير.