الرأى للشعب
جيهان عبد الرحمن
الـرسـالة الخطـأ

كلما شاهدت فيلم "رسالة من امرأة مجهولة" للفنان فريد الأطرش ولبنى عبد العزيز ومارى منيب وحسين السيد الكاتب الغنائي الشهير، انتهى إلى حقيقة مؤداها أن الفيلم رغم ما به من جماليات واغانٍ وحبكة درامية وأداء متميز، لكن رسالته الفنية والاعلاميه والثقافية لا تتناسب ومجتمعنا الشرقي، وان رسالته المجهولة رغم أنها أعادت لطفل الخطيئة الحياة بعملية نقل دم من الأب سريع النسيان إلا أنها ضلت الطريق وذهبت إلى الجمهور الخطأ.

نفس الإحساس تملكني وأنا أتابع الإعلاميين المخضرمين، عمرو أديب واسامة كمال وقد استضافا شقيق وزوجة الانتحاري المجرم الذي فجر نفسه في كنيسة الإسكندرية يوم الاحتفال بأحد الزعف، ورغم أن قلوبنا تفجرت وتناثرت أشلاؤها مع جثث الشهداء الأبرار وأطفالهم الأبرياء وهم يحتفلون بالعيد، احترت فعلا بحثا عن الرسالة الاعلامية الهامة الملهمة من هذة الفقرة غير المحبوكة دراميا، خاصة أن الاستضافة تمت غالبا في مبنى امن الدولة وبمعرفته، وربما بناءً على أوامره أو اقتراحاته لسرعة وصول الرسالة التي يصعب فعلا على قلبي قبل عقلي تقبلها ومرورها مرور الكرام.

إذا كان غرض الرسالة تمرير معنى حسن المعاملة الأمنية مع أهل المجرمين الذين فجعونا وما زالوا يفجعوننا من وقت لآخر، أضف إلى ذلك الأداء المبالغ فيه من جانب عمرو أديب و الطبطبة والحنية الزائدة والتوصية على مستقبل بنات الانتحاري المجرم... فهي رسالة ضلت الطريق وذهبت إلى الجمهور الخطأ في الوقت الخطأ، ومازالت صور أشلاء الشهداء الخمسة والأربعين وأطفالهم محفورة في الأذهان.

الرسالة خاطئة، بل هي خطيئة إعلاميه لا تغتفر، نكأت الجراح المفتوحة الدامية وصرفت الفكر عن الثناء بالمجهود الأمني في سرعة الكشف عن هوية منفذي الهجومين وتحديد العناصر المشاركة وتتبع مصادر تمويلها، وجعلت الجميع يتحدث ويسأل عن الأولى بالطبطبة والحنيه أسرة القاتل أم أسر الشهداء؟ من أولى بالتوصية؟ ماريا وأخواتها نسل الارهابى المجرم وأفراخه الصغار، والزوجة التي تتمنى أن يكون الفاعل شخص أخر غير زوجها؟ أم الأرامل واليتامى والثكلى والأطفال اليتامى والمصابين الذين خلفهم الانتحاري المجرم جراء فعلته الأرهابيه الخسيسة.

ماذا حدث لإعلامنا؟! هل ترجم أسامة كمال وعمرو أديب كلمة الرئيس السيسي بطريق الخطأ في عتابه على الإعلام بتكرار إذاعة المشاهد البشعة للأشلاء المتناثرة ففكرا في تقديم معالجة مختلفة لم يحسبا عواقبها وردة فعلها السلبي؟! هل أرادا مثلا تهيئة المناخ العام لقبول أٌسر القتلة وخوارج العصر تمهيدا للتصالح ماداموا غير متورطين في أعمال إرهابيه؟! هل افترضا أننا أنصاف آلهة حتى نغفر ونصفح وندعى انه لا تزر وازرة وزر أخرى.

المعالجة كانت خاطئة بلا شك ولا تقل في تهورها عن سبق مزعوم لجريدة الوطن ادعت فيه إجراء أول حوار مع شقيق من ادعت انه الارهابى مفجر الكنيسة، فتفجرت الكذبة لتنال من المصداقية والأداء والرسالة.

الأمر جد خطير ويستدعى معالجة حكيمة وقوية ومنضبطة، فهل يصلح المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام ما أفسده الدهر؟ لقد حلف رؤساء المجالس والأعضاء المحترمين القسم أمام مجلس النواب في سابقة جديدة طبقا للمادة 80 من قانون تنظيم الصحافة، وبقدر احترامنا لكل المجالس واللجان والقوانين أقول أن القضية في الأساس تخضع للضمير الحي وهو يوجه رسالة إعلامية في وقت حرج تخوض فيه البلاد حربا حقيقية لا يحتمل فيها تمرير آية رسائل مجهولة أو خاطئة أيا ما كان شخص مرسلها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف