الأخبار
عبد القادر شهيب
غفلة + سلبية = إرهاب
أكثر من مفاجأة كشفت عنها الخلية التي تتهمها الشرطة بالتورط في عمليتي تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية.. فهؤلاء المتهمون كانوا معروفين بتطرفهم الديني في القرية التي يعيشون فيها.. فإن نساءهم منتقبات، ولا يختلطون بأحد ولا يشاهدون التليفزيون ويسيطرون علي أحد مساجد القرية لا يكتفون بالصلاة فيه وإنما يتخذونه مكانا للقاءات والاجتماعات.. ومع ذلك عاشوا وسط أهل القرية دون أن تثور شكوك أحد منهم فيهم، أو بالأصح دون أن يشعر أهل القرية بالانزعاج منهم، رغم أننا نتعرض بشكل شبه يومي لعمليات إرهابية!.. كما أن هؤلاء المتهمين اختفوا جميعا في وقت واحد أو متزامن عن القرية منذ نحو ثلاثة أشهر، ولم يلفت ذلك انتباه أحد أيضا من أهل القرية أو عمدتها، رغم ان هذا الاختفاء كان كما تبين فيما بعد انه كان بغرض الاستعداد لتنفيذ تفجيري كنيستي طنطا والإسكندرية وعمليات إرهابية أخري.. كذلك هؤلاء المتهمون - طبقا لما أعلنته الشرطة - سبق لهم السفر إلي سيناء وتلقي تدريبات فيها علي أيدي كوادر إرهابية علي استخدام السلاح وإعداد وتجهيز المتفجرات، رغم الإجراءات الأمنية المتخذة حاليا ومنذ فترة للتعرف علي كل مسافر إلي سيناء من الوادي. وهكذا كلها مفاجآت صارخة بل صادمة لأنها تشي بأننا للأسف الشديد نعاني من الغفلة رغم أننا نخوض حربا ضارية وشرسة ضد إرهاب هو الأكثر وحشية من أي إرهاب سبق أن حاربناه، والأكثر قدرة تنظيمية وبشرية وتمويلية، والأكثر استخداما للتكنولوجيا، والذي يلقي دعما اقليميا ودوليا.
بسبب هذه الغفلة وأيضا السلبية سكت أهل القرية علي مجموعة تؤمن بأفكار التكفير وتمارسها ولم ينزعجوا من وجودهم وسطهم ولم يشعروا بالخوف منهم.
وبسبب الغفلة أيضا اتخذ هؤلاء مسجدا خاصا لهم في القرية وسيطروا عليه، رغم أن وزير الأوقاف لا يتوقف عن اطلاق التصريحات شبه اليومية التي تؤكد إشراف وزارته علي كل مساجد البلاد والزوايا الصغيرة فيها.
وبسبب الغفلة كذلك تمكن هؤلاء من السفر إلي سيناء وتلقي تدريبات عسكرية هناك علي أيدي كوادر إرهابية.. كما اختفي هؤلاء أيضا بهدوء من القرية في توقيت متزامن معا.
ان هذه الغفلة تعني ببساطة اننا نعيش ونتصرف وكأننا لا نخوض حربا ضد الإرهاب، بل وكأننا لا نشعر بخطر هذا الإرهاب علينا.. ننتفض غضبا بعد كل عملية إرهابية خاصة إذا كانت كبيرة وكان ضحاياها كثراً، ثم نبلع غضبنا هذا وننسي ذلك الإرهاب الوحشي الذي يتربص بنا ونعود لنمارس حياتنا بشكل عادي وطبيعي، حتي تصدمنا عملية إرهابية جديدة وحتي يسقط لنا ضحايا جدد بعد تفجير جديد خطط له الإرهابيون وتحينوا الفرصة لتنفيذه.. حربنا ضد الإرهاب للأسف الشديد مازالت حتي الآن هي حرب الشرطة والجيش فقط، ولم تصبح بعد حربا شعبية شاملة.. الشعب لا يشارك حتي الآن في الحرب ضد الإرهاب، رغم ان مشاركته ضرورية ومهمة ولا غني عنها لهزيمة هذا الإرهاب وتصفية التنظيمات الإرهابية والقضاء علي شرورها.. الشعب يتفرج فقط علي الحرب ضد الإرهاب أو يتابع أخبارها ووقائعها عبر التليفزيون!.. وهذا هو الخطأ الكبير والفادح الذي وقعنا فيه.. لم نجيش الشعب ضد الإرهاب ولم نشرك المواطنين في الحرب ضد الإرهابيين.. وحتي يتحقق ذلك لابد أن يشعر الناس أولا بالحرب التي نخوضها ضد الإرهاب وشراستها وأن نؤكد لهم أهمية دورهم، وذلك لن يتحقق برصد المكافآت المالية فقط لمن يبلغ عن إرهابي هارب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف