عبد الرحمن فهمى
لا شيء مستحيل .. قالها نابليون
ميزانية الدولة يتم إعدادها الآن. فلم يبق لميزانية 2017 سوي شهرين فقط. ويبدأ العمل بالميزانية الجديدة.. وهذه الميزانية الجديدة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بقرارات الهيئات الوطنية للإعلام بفروعها الثلاثة: الإعلام المقروء.. والمسموع.. والمرئي.. فالإعلام كله غارق في الديون رغم ارتباطه الكلي مادياً بالميزانية.. الإعلام بكل أشكاله لم يسدد فاتورة واحدة للدولة منذ سنوات طويلة.. فواتير التليفونات أو الغاز أو الكهرباء. أو التمغة. أو أي فاتورة.. أما التأمينات من أجل معاشات الكبار الذين يتركون المهنة. فوسائل الإعلام المختلفة. تعتمد علي "شهامة وكرم" الدولة!!.. ولا تدفع التأمينات!!.. لذا ديون الإعلام رهيبة. وكل الكلام عن إسقاطها. لأن الإعلام يعجز عن تسديد ولو جزءاً يسيراً منها.
والقول السائد في وسائل الإعلام هو:
ــ إذن كما نعتمد علي الدولة في دفع مرتباتنا!!.. فكيف ندفع لها فواتيرها؟!!
موضوع الإعلام معقد للغاية.. وفي نفس الوقت خطير للغاية.
قد يكون إصلاح ما فات.. إصلاح كل هذه "الكوارث" القديمة ممكناً.. فكيف تضمن عدم تجددها بأرقام أكثر رعباً في المستقبل؟!!
* * *
لقد انطلقت صيحة "اعط ظهرك للماضي.. تعالوا ننظم المستقبل".. وهنا تكمن الخطورة ونعيد مأساة قديمة اسمها "المجلس الأعلي للصحافة"!!!
لابد من بحث أسباب حدوث هذه المآسي أولاً. حتي لا تتكرر.. لابد من بحث لماذا كانت الصحف بالذات تربح كل عام بأرقام مهولة.. تمنح مرتبين أو أكثر لكل العاملين في نهاية العام. فضلاً عن مرتب ديسمبر.. أي كان الصحفي يقبض في ديسمبر ثلاثة مرتبات. وأحياناً أكثر!!.. الآن ينتظر كل شهر 12 يوماً أو أكثر ليقبض من الحكومة مرتبه المفروض أن يقبضه أول يوم في الشهر!!!... كانت الصحف ترسل مئات الهدايا الثمينة جداً للعديد من كبار القوم.. وهناك قضية في هذا الشأن في المحاكم حتي الآن.. وأثمان الهدايا مرعبة!!.. بالملايين.
* * *
لابد من البحث أولاً في أسباب تدهور اقتصاديات وسائل الإعلام المختلفة.. سأضرب لكم مثالاً.
عندما كنا نتجول في مدينة الإنتاج الإعلامي بالسيارة طبعاً لاتساع المدينة. ولا أدري كم فدان هي؟!.. لاحظت ممرات واسعة علي مدي البصر.. علي جانبي الممر استديوهات سينما وأخري علي الهواء للفضائيات.. وأخري للبروفات والاستعداد للتصوير.. ومناطق تصوير كثيرة.. قرية.. شاطئ بحر.. شارع عمادالدين.. مبان كثيرة مختلفة.. مثلاً المسجد.
واجهة رائعة. وخلفية كذا.. والمسجد نفسه ضيق جداً.. لأن المطلوب تصوير الواجهة. وسلالم الخروج فقط.
سألت عن عدد الاستديوهات وأثمانها.. فاتضح أنها كلها للإيجار الشهري أو السنوي.. لا تُباع الاستديوهات.. وهذا خير للخزانة!!
ظننت أن المدينة تكسب أموال علي بابا.. فاتضح أن المدينة عليها ديون ضخمة أكثر من ديون ماسبيرو نفسه!!.. كانوا أكثر من الأربعين حرامي!!.. الآن هناك محاولات لتسديد الديون وتمويل الدولة. مثل باقي المدن الإنتاجية. خاصة مدينة المغرب التي استفادت من غباء الجمارك منذ سنوات حينما وصلت ميناء الإسكندرية علي ظهر إحدي البواخر بعثة فيلم أمريكي ضخمة جداً.. الممثلون والممثلات وعدد ضخم للإخراج والتصوير. والصوت.. وغير ذلك. وكان معهم آلات تصوير ضخمة جداً.. رفضت الجمارك دخول الآلات إلا بعد دفع ثمنها. أو تأمين بالثمن كله!!.. عادت البعثة فوراً. وسافرت إلي المغرب التي تكسب الآن ذهباً يومياً.
هذا مجرد مثال..
مهمة الهيئات الإعلامية شاقة للغاية ولكن نابليون قالها: "لا شيء مستحيل"!!