الوفد
عزة أحمد هيكل
الإعلام.. سيولة أخلاقية
المجلس الأعلي للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام خطوة متأخرة ولكن مهمة علي طريق جديد للإعلام المصري ودوره الفعال ليس فقط في ضبط إيقاع السيمفونية الشعبية للأمن القومي المصري وتوجيهه وتشكيل الرأي العام السياسي والفكري ولكن الأهم من هذا هو محاولة لاستعادة الحالة الأخلاقية التي سادت فى المجتمع المصري أخيراً بعد ثورتين وإرهاب واستنزاف اقتصادي وعقائدي للمواطن المصري وفكره وسلوكه.. الهيئات الإعلامية التي تم تشكيلها مؤخرا قد تكون هي مفتاح الباب السحري الذي يساهم مع التعليم والثقافة في تغيير سلوك المواطن وتشكيله فكراً ووجداناً حتي لا نري هذه الفوضي الإنسانية والأخلاقية وذلك الصراع والتناحر واللاانتماء للوطن والأرض وهذا التعصب الديني والنفاق والرياء الاجتماعي وغياب الضمير اليقظ الحي الذي ينتج ويعمل ويتعلم من أجل النشر ومن أجل الأرض وليس من منطلق ميكيافيلي عن الغاية الذاتية والأنانية التي تبرر الوسائل الفاسدة والخاطئة بدعوي الحاجة وبدعوي الجهل أو الفقر أو الظروف.. المجلس الأعلي للإعلام هل هو بديل لوزارة الإعلام؟ وهل الهيئة الوطنية للصحافة هي البديل الشرعي لمجلس الشوري والمجلس الأعلي للصحافة؟ وهل الهيئة الوطنية للإعلام هي البديل الجديد لاتحاد الإذاعة والتليفزيون وصوت القاهرة ومدينة الإنتاج؟ الواقع حتي تاريخه أن الصورة ملتبسة وغير واضحة المعالم، بل إن هناك صراعات بدأت بين من يملك زمام الفضاء الإعلامي ومن يتبع من؟ فهل المجلس الأعلي هو الذي يضم الهيئتين ومن ثم يضع السياسات ويختار رؤساء التحرير والقطاعات ومجالس الإدارة للمؤسسات الصحفية والإعلامية التابعة للدولة.. وهل هذا هو التغيير الذي كنا ننتظره بعد تعديل الدستور والذي ألغي وزارة الإعلام كما ألغي منصب وزير الإعلام وألغي مجلس الشوري الذي كان يشرف علي الصحف القومية والرسمية والهيئات الصحفية المختلفة.. الآن نجد حالة من الفوضي الإعلامية مع غياب قوانين إعلامية فعلية تختص بعدة قضايا مهمة من أولاها:
أولا: قضية المعلومات والمصدر الموثق وكيفية نقل المعلومة والخبر من أكثر من جهة حتي لا تحدث حالة بلبلة وخلخلة في الأمن القومي وفي الشارع السياسي والاقتصادي وتتسبب في مشاكل عدة وهذه القضية تستدعي وجود وكالة أنباء مصرية فعالة وجادة وحديثة متطورة وليس وكالة أنباء الشرق الأوسط التي ترهلت وفقدت الكثير من قدرتها علي متابعة الأحداث المحلية والعالمية ولذا فإننا مازلنا نستقي المعلومات والأخبار من الوكالات الغربية الأجنبية أو حتي العربية التي يسيطر عليها إعلاميون وسياسيون لا يبغون صالحاً للوطن وللأمة العربية وإنما يقعون في فخ الصراعات العرقية والمذهبية.
ثانيا: قضية السياسة الإعلامية الخاصة بالقوي الناعمة الفنية المقدمة من خلال الإعلام المرئي والاليكتروني اليوتيوب والإذاعات والشبكات الاليكترونية فهذه الوسائل الحديثة للإعلام لا تجد من يتابعها ويضع لها خطة في كل ما يقدم عبر الشاشة من برامج أو أعمال درامية أو إذاعة وبرامج تبث دون رقيب ودون لجان للقراءة وللمشاهدة وللاستماع في كل ما يقدم وكل ما يعرض، ولهذا فإن ما يتم بثه علي مدار ساعات وأيام وأعوام هو هدم للشخصية المصرية وللعقل الجمعي وللقاموس اللغوي وللسلوك المصري والهوية المصرية بكل مقوماتها السابقة واللاحقة من تاريخ وحضارة وجغرافيا وتعددية فكرية وعقائدية ودينية تسمح بالتعايش السلمي وتدعو إلي الإنتاج والعمل وليس المزيد من الفرقة وتستطيع تغييب العقل فيما لا يجدي ولا ينفع.. فهل الهيئات الإعلامية سوف تضع معايير تختص بالخريطة الإعلامية الخاصة بالإعلام الرسمي فقط ويترك الحابل يختلط بالنابل في الفضاء الخاص والإعلام الآخر غير التابع للدولة.. وهل القوانين الإعلامية سوف تشمل وسائل الاتصال الحديثة والإعلام الجديد حتي يمكن المتابعة لصالح الإعلام والمواطن.
وأخيراً، هل الهيئات الإعلامية والصحفية سوف تطرح رؤيتها علي المجتمع والمختصين والمهتمين حتي يحدث حراك فكري يثري العملية الإعلامية والمنظومة الثقافية للإعلام التنويري التوعوي المؤكد علي الانتماء والهوية والأخلاق أم أننا سوف نفاجأ بقرارات وقوانين توضع فى الأدراج أو يصوت عليها مجلس النواب قبل الرحيل.. ونظل في السيولة الأخلاقية والإعلامية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف