المساء
حسام حسين
كذب علي التاريخ!
المفترض أن المصريين جميعًا كتلة وطنية واحدة ضد الإرهاب. والفكر المتطرف.. وأعتقد أن ذلك كذلك. اللهم إلا بعض الأصوات الشاردة في الإعلام التي تخدم تنظيم داعش الإرهابي من حيث لا تدري. ولا أري أبدًا. في الهجوم علي قواتنا المسلحة. أو الداخلية. أو الأزهر ما يخدم مصلحة الوطن. بل علي النقيض تمامًا.
في أعقاب الجرائم الإرهابية الأخيرة. انطلقت صواريخ بعض الإعلاميين نحو الأزهر؛ بحسبانه المتهم الرئيسي. وكأنهم يريدون إيهامنا بأن مناهجه العلمية الرصينة. سر التطرف. وأنها خرّجت هؤلاء الضالين والمضلين. والدواعش أيضًا. بل إننا لو أسقطنا الأزهر. لانتهي الإرهاب وعم السلام.. وفي هذا جنون. وكذب علي التاريخ والواقع والحقيقة؛ ذلك أننا لو نظرنا- كما يقول فضيلة الإمام الأكبر- إلي كل قيادات الحركات الفكرية المتطرفة والمسلحة لن نجد أيًا منهم تخرج في جامعة الأزهر؛ فمنذ ما يربو علي الألف عام. تضطلع مشيخة "العلم والإسلام" برسالتها السامية في حفظ عقيدة وهوية الأمة بما يجسد الفهم الحقيقي للدين بوسطيته وسماحته. كما أراده الله سبحانه وتعالي. دون تعصب لمنهج أو مذهب بعينه. أو الانزلاق لفتنة التكفير.
لم يقرأ أحدهم كتابًا أو بعضًا من كتاب. ثم عكفوا بجهالة علي الطعن في مناهج الأزهر. التي ترتكز علي التعددية؛ حيث تُدرس المذاهب الفقهية الأربعة: الرأي. والرأي الآخر. والرأي الثالث. والرأي الرابع. وكلها صحيحة.. أيمكن أن يُنتج ذلك متشددًا؟!
لم تكن مبادرة الأزهر إلي تطوير المناهج الدراسية. لأنها إرهابية. ولكن لأن المناهج الوسطية- كما يوضح فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الطيب- تحتاج إلي تحديث وتيسير وتبسيط. وقد تم استحداث مادة الثقافة الإسلامية للصف الثالث الإعدادي. أول موضوع فيها "سماحة الإسلام في معاملة أهل الأديان الأخري". والثاني "التطرف والإرهاب". وفي الثانوية. يتعلم الطلاب أدب الحوار عند مخاطبة الآخر. وحسن الاستماع. وتجنب المقاطعة. والتجرد والتسليم بالنتائج. والاعتراف بالحق وإعلاءه. إلي غير ذلك من موضوعات كثيرة تعكس تعاليم الإسلام وثقافته الأصيلة. وتسهم في تحصين الطلاب من الوقوع في براثن الجماعات المتطرفة. وتنمية روح الولاء والانتماء لديهم.. ومن الوصايا التي جاءت في خاتمة الكتاب: "لا تستمع إلي مَنْ يدعونك إلي معاداة الوطن والمواطنين. وقف في وجه من يشكك في مصر والمصريين".
مبادرات مثمرة كثيرة. اتخذها فضيلة شيخ الإسلام. لتفكيك الفكر المتطرف. ونشر ثقافة السلام والتسامح. وقبول الآخر. وفقه المواطنة. في مصر والعالم. من بينها: بيت العائلة. ومرصد الأزهر. ومرصد الفتاوي الإلكترونية. والقوافل الدعوية. وصفحات الأزهر بالسوشيال ميديا. وأنشطة المنظمة العالمية لخريجي الأزهر. ومجلس حكماء المسلمين.
سيبقي الأزهر شامخًا.. ولو كره الكارهون.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف