■ فى يوم عصيب وطويل طول الألم من أيام مصر الأحد 9 إبريل 2017 تم تفجير كنيسة مار جرجس بطنطا، وهو نفس اليوم 9 أبريل الذى افتتحت فيه أول صلاة منذ قرابة سبعين عاما فى نفس الكنيسة وحاولوا تفجير كنيسة مارمرقس بالإسكندرية ولكنهم فشلوا بسبب يقظة الأمن الذى ضحى بالكثير من أبنائه. ■ أيام الصفاء والوداد بين المسلمين والأقباط أحالتها الخلايا الداعشية إلى أيام كدر وبكاء وعويل وتساؤلات حائرة،لماذا؟ وكيف؟ ولمصلحة من يجرى ذلك ؟ وبأى ملة يدين هؤلاء الذين يحترفون القتل ويمتهنونه بدلا من مهنة الإحياء التى أمر الله بها كل عباده «وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا». ■ إلى مفجرى الكنائس وإلى كل من يتبنى فكرتى التكفير والتفجير أود أن أقول:- ■ المسيح بن مريم رسول من أولى العزم من الرسل، مَن لا يؤمن برسالته من المسلمين لا يعد مسلماً، هذا الرسول الكريم هل سنسعده بقتل أبنائه من النساء والأطفال والرجال، ألا يخاف أمثال هؤلاء من غضب الله وأنبيائه. ■ ترى من الذى أعطى مفجرى الكنائس هذا الحق فى إزهاق أرواح الناس بغير حق، الله الذى خلق الإنسان وصوره فى أحسن صورة فهل يجوز لأحد أن يهدم بنيان الله الذى بناه بنفسه ونفخ فيه من روحه وأسكنه الأرض واستخلفه فيها وترك حسابهم إليه وحده يوم القيامة، وإذا كان الله قد قال لنبيه «لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ» فكيف بمن دونه. ■ إذا كان الإسلام قد أقر غير المسلمين على أديانهم وعقائدهم وكنائسهم ومعابدهم، فكيف يجرؤ متطرف أحمق غادر على تفجير الكنيسة التى أوجب الله على المسلمين حمايتها، فلم يأمر الإسلام بحماية ورعاية المساجد فحسب ولكن حماية وحراسة الكنائس، ألم يقل الله تعالى: «وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا» والصوامع هى بيوت الرهبان المسيحيين، والبيع هى كنائس المسيحيين، والصلوات هى معابد اليهود ومفردها صلوتًا، وجعل دفاع المسلمين عنها دفاعًا مشروعاً عن الدين والأوطان، ونوعًا من الدفاع الشرعى المحمود. ■ الدم لا يولد إلا الدم.. والعنف لا يولد إلا العنف.. والقتل لا يولد إلا القتل.. والمتفجرات لا تزرع ورودًا ولا تجنى أزهارًا ولكنها تزرع الموت والخراب والدمار فى كل مكان، والكراهية تولد الكراهية.. والشتائم والسباب يولد الأحقاد.. لن تزرع المتفجرات وتفجر خصومك ثم تفترض فيهم الملائكية ليرحموك أو يشفقوا عليك أو يعدلوا معك.. فما دام قد طاش عقلك ولجأت للعنف والسلاح فلن تجد إلا القسوة والعنف. ■ ازرع الرحمة تجدها.. ازرع العفو ستجده.. ازرع السكينة والتسامح ستلقاهما.. اهدم المبانى التى يعيش فيها الآخر أوخصومك السياسيين سيهدم بيتك غدًا. ■ من قواعد الحياة الواقعية التى نعيشها.. لن تجنى الحب إلا إذا زرعته.. ولن تجد اليسر إلا إذا بذرته.. لن تجد الود إلا إذا بذرت بذرته وتعاهدتها.. فالسيوف والبنادق والرصاص لا تخلف زهورًا ولا رياحين ولكن تخلف الدماء والأشلاء والآهات.. والمتفجرات تخلف أشلاءً ممزقة ويتامى وثكالى وأرامل. ■ خذوا عبرة من كل الجماعات التى حملت السلاح وانتهجت العنف من قبل.. لقد أضرت نفسها وأوطانها ودينها وشبابها ودعوتها والدعوة الإسلامية.. ولم تحقق لنفسها ولا وطنها ولا دينها خيرها.. ولم ترفع ظلما بل زادته.. ولم تجلب مصلحة بل ضيعت كل المصالح.. ولم تحرر سجينا بل زادت السجناء عددًا. ■ متواليات الدم والتفجير والاغتيالات والعنف لن تحرر السجناء ولن تفك حبل المشنقة عن أحد بل ستحكم الحبل حول أعناقهم.. ولن تسقط الدولة بل ستزيدها ولن تعيد أحدًا إلى السلطة.. فلتذهب السلطة إلى الجحيم إذا كان ثمنها آلاف القتلى الجرحى والأرامل واليتامى والثكالى والسجناء الذين يزداد وضعهم سواء كلما دوت المتفجرات وزمجرت الرصاصات. ■ ولنصنع جميعًا متوالية رحيمة حكيمة عطوفة رفيقة هى «متوالية الإحياء» «وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا». ■ ازرعوا الحب بدلًا من المتفجرات، ازرعوا الحب بدلًا من الصراعات السياسية والدينية والعرقية، فالمحب الرحيم أقوى إنسان، والكاره لن يكره خصومه وحدهم ولكن سيكره نفسه فى النهاية وهوأضعف الخلق وإن ملك مفاتيح الكون كله، ولنطلق جميعا «متواليات العفو» التى حث عليها القرآن فى 19 آية «فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ» «فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ» ولنذهب جميعًا إلى «متوالية الحب» التى غزا بها عيسى عليه السلام الكون كله حتى بلغ المنتهى فى الإحسان هاتفًا «أحبوا أعداءكم وباركوا لاعنيكم».