المساء
السيد العزاوى
الأزهر قلعة الصمود والتحدي الإمام الأكبر.. صبراً!!
في هذه الفترة من تلك المرحلة الصعبة التي يجتازها الوطن والأمة العربية يتعرض الأزهر الشريف لمعركة شرسة وهجوم ضار لشيوخه ومناهجه ألسنة حداد وسهام توجه لهؤلاء الرجال الذين ظلوا علي مدي ألف عام في ساحة الأزهر منارة الإسلام وسماحته ينشرون صحيح الدين ويستقبلون أبناء العالم من كل أنحاء الدنيا يقبلون علي دراسة هذه المناهج.. وصاروا صورة مضيئة للأزهر ونماذج طيبة في إضاءة معالم الدين الحنيف لأبناء أوطانهم لدرجة أن أي مصري شاء حظه زيارة هذه الدول فيستقبله أهلها بترحاب مرددين أنه من بلد الأزهر. لقد تناول بعض الإعلاميين ومقدمو البرامج الأزهر ورجاله بأقوال لم يجرؤ حتي نابليون أن يتفوه بها أحدهم قال : لقد توفي الأزهر في نبرة تحمل الكثير من الإساءة لهذا الصرح الشامخ ضحالة فكرية وبذاءات لا تليق بالإعلام ونائب بالبرلمان تقدم بمشروع قانون للحد من دور الأزهر وجامعته وبرامجه ومدة شيخ الأزهر وآخر طالب باستقالة الإمام الأكبر.. الأقاويل كثيرة والتجاهل لدور الأزهر وشيوخه تحت ستار تجديد الخطاب الديني رغم جهود رجالات الأزهر في التصدي للأفكار التكفيرية ونشر العنف وقتل الأبرياء.. جهود لا ينكرها إلا جاحد لدور هؤلاء الرجال.
لقد تناسي هؤلاء دور رجال الأزهر في مواجهة الغزو الفرنسي ولم يستطع نابلون وقادة التتار في الحد من دور هؤلاء الأزهريين. لقد قدموا أرواحهم فداء لهذا الدين وسماحته ولم يهابوا هؤلاء الغزاة. مع شديد الأسف نري أكثر دول العالم تسعي لقبول أبنائها بالأزهر ومعاهده وجامعته العريقة.. وسوف يظل الأزهر قلعة للصمود والتحدي يتلقي الصدمات ويواجه الآخرين.. الحجة بالحجة.. رحابة الصدر لا تضيق بأي نقاش أو جدال. المنهج الأزهري يقطر سماحة ويقف بالمرصاد لدعاة الفكر المتطرف الذي يكفر الناس. لقد تناسي المتطاولون دور هؤلاء الرجال في تربية الأجيال الذين ملأوا الساحة علما وكانوا محل تقدير القاصي والداني ورحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي حين قال :
قم في فم الدنيا وحي الأزهرا.. وأنثر علي سمع الزمان الجوهرا
كانوا أجل من الملوك جلالة .. وأعز سلطان وأفخر مظهرا
تاريخ طويل.. ومنارة تنطلق منها العلوم والمعارف تنشر قيم الدين الحنيف دون غلو أو مغالاة فمن ينسي تلك الحوارات مع دعاة الفكر المتطرف في السبعينيات من القرن الماضي. لقد كانت مراجعة هذه الأفكار المتطرفة سبيلاً لتخلي أعداد من هؤلاء عن أفكارهم وترك ساحة التكفير. هذا قليل من كثير لهؤلاء الرجال في ساحة الدعوة إلي سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن.. لقد تابعت كثيراً الأقاويل التي تتناول مناهج الأزهر بكثير من الهجوم والتطاول بادعاءات تخرج العبارات بالمناهج من سياقها. وأقول لهؤلاء اتقوا الله وتحروا الثقة فيما تطلقونه من أقوال واتهامات. منهج الأزهر يقوم علي البحث ومناقشة كل الآراء بأسلوب علمي وآراء تتسم بالمعرفة وتتناسب مع مكانة أهل العلم بعيداً عن الشطط والغلو. المذاهب متعددة والمناقشات في ساحة الأزهر تبهر المتابعين لهؤلاء العلماء ومناهجهم في الاستنباط واستخراج الأدلة ومقارعة الحجة بالحجة. لقد درست علي مدي خمسة عشر عاماً علي أيدي هؤلاء الرجال في المعاهد الأزهرية.. وجامعة الأزهر. فلم أشاهد فكراً متطرفاً أو تكفيرياً وانما كانت ساحة للعلم بأفضل الأساليب. كل العلوم في مقدمتها الفقه يناقش كل الآراء ويعرضها بتفاصيلها ثم يعرض الرأي الراجح للجمهور. ليس الفقه وحده وانما كل المواد لم نر أي تطاول علي أهل الديانات الأخري. وكان الأساتذة يحذرون من هذه الأساليب. وأهل الديانات الأخري لهم كل التقدير والاحترام كما كان هؤلاء العلماء يبذلون أقصي الجهد للتوفيق بين الآراء المختلفة في سماحة ولعل منهج المرحوم الشيخ محمد متولي الشعراوي أبلغ مثال. وهناك كثير من العلماء الذين أثروا الحياة العلمية وكانوا نجوماً تركوا مؤلفات تفيض بالعلم الكثير الذي أبهر علماء الشرق والغرب وسوف يظل الأزهر زاخراً برجاله وعلمائه فلا مكان لفكر متطرف ودماء كل البشر لها حرمتها وحمايتها واجب كل مسلم. ونقول لهؤلاء المتطاولين ارفعوا أيديكم عن الأزهر ورجاله. هذه المنارة سوف تظل ساحة للرأي والرأي الآخر في غير اسفاف أو تطاول.. احترام يفيض بالتقدير لكل صاحب رأي. مناهج الوسطية والاعتدال بالأزهر نماذج وقدوة لمن أراد أن يتعلم!!
رجالات الأزهر يتعرضون هذه الأيام لمعارك شرسة والاتهامات تنهال عليهم وطعنات تتناولهم بالجمود وعدم التجديد وتجاهل لدورهم في تنفيد آراء وأفكار خوارج العصر الذين ينشرون هذه السموم بين الشباب هذه السهام توجه بصفة خاصة للإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب باعتباره رمزاً للأزهر ورجالاته.. ورغم هذا التطاول فإن الإمام لا يخفي علي أحد دوره في نشر سماحة الدين الحنيف وثقافة الاعتدال سواء بالشرق أو الغرب. عمل دائم وصبر وترفع عن الصغائر واستمرار في سبيل دعوة الحق والاعتدال.. لا تكفير ولا تطرف.. ونقول للإمام الأكبر صبراً في سبيل الله ودعوة الحق ونذكر بقول الشاعر العربي :
ما ضر البحر أمسي زاخراً
إذا ألقي فيه غلام بحجر
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف