المساء
خيرية البشلاوى
انتبهوا أيها السادة



في عام 1980 قدمت السينما المصرية أحد أهم أفلامها بعنوان "انتبهوا أيها السادة" للمخرج محمد عبدالعزيز وبطولة محمود ياسين وحسين فهمي وزيزي مصطفي وناهد شريف عن قصة لأحمد عبدالوهاب.
الفيلم يصور صراعا بين الزبال "عنتر" واستاذ الجامعة "جلال" "محمود ياسين - وحسين فهمي".
عبر الفيلم وقتئذ عن مجتمع الانفتاح العشوائي أو "السداح مداح" الذي صاحبه عشوائية في العلاقات الانسانية بحيث جعلت من جامع الكتب الذي يعد رسالة الدكتوراه ندا لجامع القمامة الكسيب وكان موضوع الصراع ابنة المستشار "زيزي مصطفي" التي يتقدم لها "عنتر" طالبا يدها غافلا بسبب مظهرها انها تنتمي للطبقة المتعلمة المتوسطة والتي لا يمكن ان تتصالح مع طبقة "الزبالين" وتصاهرها هكذا بسبب تفوق الأخيرة ماديا.
ولقد شهدت هذه الفترة عملية حراك اجتماعي بائس وعبثي لأناس من القاع حققوا ثروات كبيرة بسبب النهب والرشاوي والفساد والخلل الاخلاقي وخراب الذمم الخ "التشوهات الاجتماعية وصلت الي الذروة وجعلت بنت المستشار في نهاية الصراع تنحاز للزبال لأنه يمتلك الشقة والفلوس بينما الشاب الجامعي لا يستطيع ان يحقق هذه الامور إذا ما أقدم علي الزواج.
في هذه الفترة اصبح السباك والميكانيكي والزبال من الاعيان نظرا لارتفاع أجورهم. واصبحت السينما تتملق هذه الشرائح وتعبر عن طموحها الطبقي في حكايات الافلام.. وبعضها يحذر من هذا الانفلات.
بدا الزبال في هذا الفيلم جسورا ومقتحما وممتلئا بذاته واثقا من قدراته المادية في فترة من التطور الاجتماعي طغت فيها القدرة المادية علي أي قيمة أخري وانتصر فيها الزبال علي استاذ الجامعة في الجولة الأخيرة حين فاز بابنه المستشار الذي كان يتردد علي شقته لجمع القمامة.
وفي الفيلم تسمع "عنتر" يقول جملا سمعناها مؤخرا في المعركة المفتعلة الأخيرة التي هبت فيها أقلام ضد المستشار الذي تجاسر وقال ان ابن الزبال لايصلح أن يكون في السلك القضائي.
"عنتر" بصوت واثق وهو يحادث المستشار "صلاح نظمي" يقول: وماله بتاع الزبالة ماهو بيشيل الزبالة بتاعتكم.
السيناريست أحمد عبدالوهاب الله يرحمه اراد ان ينبه السادة بأن الطوفان قادم لامحالة بسبب الانفتاح العشوائي. وبسبب الاضطراب والفوران المجتمعي الذي أصاب منظومة القيم الاجتماعية في مقتل واصاب مفاصل المجتمع باختلال مازال قائما في بنيانه الطبقي ادت الي هزيمة الطبقة المتوسطة المتعلمة.
انتبهوا أيها السادة.. فالثورات التي عشناها والتي صنعها الناس بكل فئاتهم لاتعني الانفلات والفوضي في المعايير وغياب الاصول الاخلاقية والسلوكية والحضارية ولاتعني هدم الحدود والتغافل عن المقومات الاساسية التي تشكل الشخصية وتجعل الفرد لائقا ومالكا لصفات "المكانة" التي يشغلها وبالذات في الاماكن الحساسة التي تعكس صورتنا والتي تتطلب شروطا بعينها وتحتاج الي مواصفات بدونها سيتحول الرجل المهم الي مسخ ولكم في شخصية الرئيس السابق "مرسي العياط" عبرة وهو الذي عاش في الولايات المتحدة ولم يستطع ان ينطق جملة صحيحة بالانجليزية. وجلس مع المستشارة الالمانية فكان مظهره فضيحة وكذلك طريقة جلسته واداؤه كرئيس لمصر.
وبقيت شخصيته مناسبة للتفكه ناهيك عن بقية الأمور وما جري في "القصور"!
"البيئة" مهمة جدا في صقل الانسان ورقيه وكذلك التعليم الجيد والمدرسة والاسرة وأشياء أخري كثيرة تتطلبها بعض الوظائف.. فهناك شروط لشخصية الديبلوماسي مثلا ولممثل النيابة وللقاضي ولايبرر التراجع والفوضي فما جري في فترات الانفتاح الكارثي بأشكاله والتمادي فيه؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف