* من أجمل الحفلات التي حضرتها وتستحق عليها الشكر د. ايناس عبدالدايم حفل أوركسترا القاهرة السيمفوني الأخير الذي قاده المايسترو نادر عباس والذي لم نشاهده يقود في مصر منذ أربعة أشهر وأيضا منذ مدة طويلة لم نشاهده يقود أوبرا أو باليه مع انه تخصص واشتهر بهما رغم انني من حين لآخر اقرأ ان له نشاطا في الخارج وأتمني ان يكون هذا سبب غيابه ولا يكون عدم الاستعانة به نوع من التجاهل خاصة أنه مصري مجتهد يستحق الفخر به واتذكر انني في بداية عملي بالصحافة وعندما كنت في معهد النقد الفني سألت استاذتي د. عواطف عبدالكريم عن أبنائنا المؤلفين الذين يدرسون بالخارج فقالت عنه هناك طالب يدرس في سويسرا متعدد المواهب حيث انه عازف لآلة الفاجوت ومغني أوبرالي ومؤلف موسيقي بارع وكان من أشطر طلابي وأكثرهم ذكاء واستيعابا وأضافت: أتنبأ له بمستقبل باهر بس ياريت مصر تعرف تستفيد منه.
ومرت السنوات وفي عام 2003 جاء إلي مصر وأسند له الدكتور سمير فرج الذي كان رئيسا للأوبرا حينئذ منصب المدير الفني لأوركسترا أوبرا القاهرة وخيرا فعل حيث شهدنا نهضة كبري لهذا الفريق وكانت فترة ازدهار والدليل عليها انني عندما تصفحت كتابي "الفن الجميل" الذي جمعت فيه مقالاتي وجدت ان للعباسي نصيبا كبيرا من المدح والثناء ليس للتميز في القيادة فقط وانما في التجديد والابتكار مثل تقديم حفل ثلاثي التينور ومن خلاله قدم ثلاث مواهب للساحة الفنية ومثل حفلات الفائزين في مسابقة استوكهولم الذي كان أحد لجان تحكيمها ومثل تقديم الحفل الخاص بالموسيقي الاسبانية من خلال قائد اسباني وعازف جيتار مصري بالاضافة لحفلات الميوزكال التي أشتهر بها وكانت اضافة للرصيد الفني للفريق ولكنه لم يستمر وقدم استقالته المسببة بعد الثورة.
وعندما تولت د. ايناس عبدالدايم رئاسة الأوبرا بدأ يعود ولكن علي فترات متباعدة وأصبحنا نشاهده يقود في السيمفوني أكثر من أوركسترا الأوبرا ولهذا أري أن الحفل من ايجابياته ظهور عباسي مرة أخري وأيضا هذا البرنامج الجديد والرائع والذي قدم فيه مقطوعة المؤلف الانجليزي بنجامين بريتين "1913 ـ 1976" والشهيرة باسم دليل الأوركسترا وشرحه لها للجمهور باللغة العربية فقط قبل بدايتها في تقليد جميل أتمني ان ينتقل للحفلات الأخري حيث يساعد علي التذوق الموسيقي للعمل وفيه احترام للغة البلد.
كما تضمن البرنامج كونشرتو ثنائيا للكمان والتشيللو تأليف يوهانس برامز "1923 ـ 1876" عزفه اثنان من أمهر العازفين المصريين حسن شرارة ومحمود صالح الاستاذ المساعد في الكونسرفتوار والذي لأول مرة أشاهده في عزف منفرد مع السيمفوني وكان مفاجأة طيبة واختتم الحفل بمقطوعة رقصات سيمفونية من قصة الحي الغربي للمؤلف الأمريكي ليونارد برنشتاين "1918 ـ 1990" وتعد من الموسيقي "الميوزكال" التي بها عناصر موسيقي الجاز والتي كانت ختاما حيويا لهذا الحفل الجميل والذي أتمني ان تري بعده نادر عباسي في قيادته أولا لمؤلفاته وثانيا للعروض الأوبرا والباليه هنا في بلده ولا أقصد ان يتوقف نشاطه في الخارج ولكن أن يضع الجمهور الذي استقبله بحفاوة كبيرة جدا في اعتباره.
التحية للمدير الفني للسيمفوني أحمد الصعيدي ومرة أخري لرئيسة الأوبرا د. إيناس عبدالدايم علي اسناد هذا الحفل للعباسي وعلي هذا الحفل الجميل.