سمير الجمل
الجنزوري الذي احترمه مبارك.. وهو يكرهه!
كمال الجنزوري.. اسم بارز في الحياة السياسية المصرية.. بعضهم يرفعه إلي السحاب.. والبعض الآخر يهبط به إلي البدروم فماذا عنه بالحق والمستحق؟!
هو ابن الباجور منوفية الذي نشأ وتربي علي حب التخطيط والاعتزاز بكرامته.. ومراقبة ضميره.. قبل مراقبة الآخرين.. فماذا تنتظر منه؟
وقد بلغ رئاسة حكومة مصر بجهد خالص وبدون شلة أو واسطة أو تزكية إلا من علمه وإخلاصه حتي بات في فترة من فترات الهيكلة أيام مبارك نغمة شاذة خارجة عن السياق.. فإذا رأي أن زكريا عزمي يتلاعب به أوقفه عند حده وهو يعرف أن فمه طوال الوقت في أذن مبارك وإذا حاول بلدياته كمال الشاذلي أن يرسم عليه عرف كيف يلاعبه بالأدب ويجعله نكتة وهو الذي برع في الضحك علي الآخرين.
وعندما اكتشف أن عدداً من الوزراء يغيبون عن جلسات مجلس الوزراء.. لأنهم مع الهانم "سوزان مبارك".. طلب منهم ومنها الالتزام بالمجلس الذي كان يعقد جلساته مثل الساعة كل أربعاء بعد أن كان يجتمع بظروفها.. الجنزوري لمن لا يعرف هو الذي أعاد خطط الدولة وفكر في مشاريع عديدة تم النظر إليها أخيراً بعين الاعتبار لأن القيادة السياسية الحالية تفكر في مصر الحاضر والمستقبل بعيداً عن الزيطة والبروباجندا الإعلامية.. وأهمها ربط سيناء بالوطن ونشر الحياة فيها.. وتحويل الوادي الجديد والصحراء الشاسعة إلي حقول للخير والنماء واللعب مع صندوق النقد الدولي حسب احتياج البلد.. وليس خضوعاً لسلطانه.
حتي قال محاسيب مبارك له وهو يضع عينه علي الجنزوري في الثمانينيات أي في أوائل حكمه:
- احذر هذا الرجل إنه صعب في تعامله.. ومع ذلك جاء به و في عهده صعد من الوزير إلي نائب رئيس إلي رئيس حكومة.. رغم الشخصيات التي حاولت أن تعرقل صعوده.. وتحد من نفوذه.. حتي أن يوسف بطرس غالي كان يستثمر علاقته بصندوق النقد الدولي و"يخبص" علي الحكومة بشأن اتفاقياتها مع مولانا الصندوق.. وأكثر من مرة يتم ترشيح الجنزوري رئيساً للوزراء ثم تتبدل الأوراق في اللحظات الأخيرة.. حدث ذلك مع حكومة علي لطفي وأخري مع عاطف صدقي حتي جاء وقته.. وكان من أقرب الناس إليه المشير أبوغزالة وعمر سليمان والطيور النبيلة علي أشكالها تقع.. ويذكر الجنزوري في مذكراته كيف جاءت الفرصة عام 1986 وقت تمرد الأمن المركزي وهمس أحدهم إلي "أبوغزالة" بعد أن نزل الجيش وسيطر علي الموقف.. هذه فرصتك يا سيادة المشير.. خلصنا من مبارك.. ولكنه رفض لأن أخلاقيات الجيش المصري لا تعرف الخيانة والطعن من الخلف.. لكن مبارك بعد ذلك تخلص من "أبوغزالة" وسلط عليه من يشوه صورته.
.. والزبانية.. عادوا للهمس إلي مبارك بأن الجنزوري عارض حسين سالم عندما دخل شريكاً مع إسرائيل في مشروع للبترول.. اشتري السهم بألف دولار وبعد أشهر أراد أن يبيعه بأربعة آلاف وكان يمتلك وحده 20% من أسهم الشركة.. و أدرك الجنزوري وقتها أن صديق مبارك له الأولوية.. ولكنه قال كلمته.. وعندما هبت عاصفة الخصخصة وما خلفها من بيزنس بالمليارات تصدي لهم وهو يعرف أن هؤلاء لن يتركوا له أن يقضي علي أحلامهم غير المشروعة.
وفي أكثر من موقف كان مبارك يتصل ويسأله: عملت إيه يا كمال في كذا ويكون جوابه عملته يا ريس ويسأل عن حل لمشكلة ما فيقول حلتها.. حتي صاح به مبارك ذات مرة أنت كل حاجة بتعملها.. أمال أنا أعمل إيه؟!
وكان طبيعياً بعد كل هذا وإحساس الرئيس بأن الجنزوري ليس من التابعين أن يتربص به ويستبعده وهو يعرف أنه من الشرفاء الشغيلة.. لكن مشكلته أنه يعمل رأسه برأس الرئيس وهذه مصيبة لو تعلمون عظيمة.. حتي لو كان ثمنها علي حساب الوطن والمواطن!
تحذير
احذر من أفكارك لأنها ستصبح كلمات.. ومن كلماتك لأنها ستصبح أفعالاً.. ومن أفعالك لأنها ستصبح عادات.. ومن عاداتك لأنها ستصبح طابعك.. ومن طابعك لأنه سيصبح مصيرك "فرانك أوتلو".