تابعت مباراة العودة بين الفريقين العالميين ريال مدريد الأسباني واليوفينتوس الإيطالي بأحد "الكافيهات" بحي مدينة نصر وفوجئت بوجود أكثر من 120 شاباً يرتدون تشيرتات اليوفي الإيطالي وزادت دهشتي أمام تشجيعهم الجنوني والحماسي مع كل لعبة وانتقاداتهم بانفعال شديد لقرارات الحكم وشعرت وكأني أشاهد اللقاء في أحد "كافيهات" إيطاليا وسط مجموعة من الشباب الطلياني وليس المصري.. وكان المشهد غير طبيعي والتصفيق والفرحة والهتاف باسم اليوفي غير منطقي عندما سجل هدف التعادل بالقفز في الهواء وتبادل التهاني وكأن الكافيه قد تعرض لزلزال حتي أن بعض الكراسي تحطمت من شدة انفعال عشاق اليوفي وضربت كفاً بكف عندما أبلغني أحدهم أنه من الإسكندرية وحضر مع مجموعة من الإسكندرية ممن ينتمون لرابطة مشجعي اليوفينتوس لمشاهدة اللقاء مع أعضاء الرابطة من أبناء القاهرة وذلك رداً علي زيارتهم لنا بمدينة الإسكندرية لمتابعة لقاء الذهاب بين اليوفي والريال والتي انتهت بفوز البطل الايطالي 2/..1 وامتدت السهرة معهم لأكثر من ساعتين عقب اللقاء بالشارع الذي يقع به "الكافيه" للاحتفال بصعود بطل إيطاليا ليواجه كتيبة برشلونة بقيادة الساحر ميسي.. وهنا تبادر لذهني العديد من التساؤلات وأنا أتابع هذه المشاهد العجيبة لقد قضيت سنوات طويلة بالملاعب داخل مصر وخارجها أتابع مباريات أنديتنا ومنتخبنا الوطني وأفهم أنه من الطبيعي أن أشاهد مظاهر الفرحة العارمة والتشجيع الجنوني لجماهير الأهلي والزمالك وخلف منتخب مصر فكلنا أبناء هذا الوطن.. وأعلم أن عشاق كرة القدم في كل مكان بعيداً عن انتماءاتهم يشجعون اللعبة الحلوة للساحرة المستديرة.. ولكن هذا الحماس الهستيري لشباب مصري في تشجيع فريق أجنبي غير مفهوم لم أره من قبل طيلة مشواري منذ عملت صحفياً بمجال النقد الرياضي.. وأعتقد من وجهة نظري أن ما حدث يرجع الي أن الشباب المصري يعاني من حالة فراغ ثقافي وديني واجتماعي.. واحباط لغياب الهدف وأري أن الدولة مطالبة من خلال كل الوزارات المعنية.. وبمشاركة علماء النفس والدين والاجتماع بسرعة وضع استيراتيجية متكاملة علي كافة الأصعدة لانقاذ هذا الشباب نصف الحاضر وكل المستقبل.. أقول ذلك لأن تلك الظاهرة الخطيرة التي شاهدتها تؤكد أن شبابنا يعاني الكثير من المشاكل الاجتماعية والفراغ وضبابية الرؤية وفقدان الهوية والأمل وهو ما يجعله أرضاً خصبة لكل من يسعي لاستدراجه لأي مجال أو اتجاه سواء كان ايجابياً يصب في مصلحة الوطن أو سلبياً يصطدم بأحلامه المشروعة في بناء دولته الحديثة ويعوق مسيرة التنمية والتطوير وثقتي كبيرة في أن كل ما يفعله زعيم الأمة عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية منذ توليه المسئولية هدفه في المقام الأول وضع شباب مصر علي الطريق السليم من خلال التركيز علي المشروعات القومية والصناعية الكبري التي تهدف لاذكاء وغرس روح الانتماء والولاء في نفوس شبابنا وتحقيق النهضة الشاملة في مختلف مناحي الحياة لهذا الوطن ليقف علي قدم المساواة مع الأمم المتقدمة اقتصادياً وعلمياً وتكنولوجياً واجتماعياً ويجب أن نتذكر أن شباب مصر النقي الطاهر كان وقود وقاطرة أعظم ثورتين سلميتين في التاريخ ولديه من الطاقات والامكانيات ما يؤهله لصنع المعجزات والمستحيل ــ فقط ــ مطلوب من الدولة أن تضع الخطط والبرامج والاستراتيجيات التي تقودها للاستثمار الأمثل لطاقاته وقدراته.