عبد الرحمن فهمى
الصحافة والبحث عن المتاعب
أريد أن ألفت نظر الهيئة القومية للصحافة ان أهم مشاكل الصحف والمخاطر التي تقابلها هي الانخفاض الرهيب في أرقام التوزيع.. عنوان نجاح الصحيفة هو رقم توزيعها.. لقد انخفض الرقم الكلي لتوزيع كل الصحف عن رقم المليون في آخر احصاء لها منذ مدة ومازال الرسم البياني يشير نحو النزول.. رغم ان دولة مثل اليابان مثلاً رقم توزيع صحفها تعدت 55 مليون نسخة!!! الأخطر من هذا ان اشتراك القراء الشهري والسنوي في الصحف في المدن الكبري حوالي 95% و5% فقط هم الذين يشترون الصحف من الشارع..لماذا؟!!! لأن اليابان لا يوجد بها أمي أو أمية واحدة.. نعم تعدادها 130 مليون نسمة.. ولكننا نحن أيضاً تعدي تعدادنا التسعين مليونا منذ فترة والتوزيع أقل من واحد علي خمسة وخمسين من رقم توزيع اليابان.. نعم عندنا أميون كثيرون ولكن ليس بهذه النسبة الرهيبة في توزيع الصحف.. نعم التليفزيون بهر الناس في مصر واكتفوا بنشرات أخباره ومتابعة المباريات من خلاله ولكن لا ننسي ان اليابان أحد ملوك التكنولوجيا في العالم ومنذ زمان طويل قبلنا بسنوات!!! ولم تتأثر الصحف بوجود التليفزيون والاذاعة.
ثم لا ننسي ان توزيع الصحف المصرية كان أكبر من هذه الأرقام الحالية بكثير جداً منذ سنوات ليست ببعيدة.. رغم ان نسبة الأمية كانت أكبر من نسبتها الآن وكان عدد السكان أقل من أرقام هذه الأيام أيضاً بكثير!!! كنا نوزع من مجلة "الأهلي" الرياضية بشكل دائم ومستمر حوالي 200 "مائتان" ألف نسخة غير إعلانات عبدالله عبدالباري وسيد مرسي وكانت المكاسب رهيبة منذ عام ..1974 مع وجود التليفزيون وصفحات كاملة كثيرة في الصحف اليومية!!!!!
المجلة التي توزع الآن 75 نسخة كان الناس يشترونها قبل صدورها بيوم.. كيف؟!! كان الناس يدفعون ثمنها قبل صدورها لبائعي الصحف حتي يضمنوا وجودها قبل أن تنفد الأعداد الضخمة!!!!
***
وعلي فكرة حكاية ان 95% من القراء في اليابان لهم اشتراكات شهرية أو سنوية لها سبب...
نحن أيضاً عندنا نظام الاشتراكات.. وعندنا الصحف ترسل اعدادها للمشتركين إما بالبريد أو طواف بالعجلة أو الموتوسيكل.. وتتأخر الصحف في الوصول ـ خاصة بالبريد ـ والمشترك يريد جريدة مع كوب شاي الصباح الباكر جداً.. لذا الاشتراكات عندنا شبه معدومة.
في اليابان.. هناك ما يسمي بـ "شبكة التواصل المنزلي".. تابعة لنقابة الصحفيين هناك.. هذه الشبكة هي التي تتواصل بين الجريدة والمنزل.. تأخذ ثمن الاشتراك وترسل لك الجريدة قبل شروق الشمس وقبل فنجان الشاي!!!! نظام رائع لكل الأطراف.. الشبكة تكسب قروشاً بسيطة ولكنها كثيرة جداً جداً والجريدة تأخذ ثمن العدد كاملاً لا تخفيض للمشترك كما نفعل نحن ثم القارئ ستصله الجريدة قبل أن ينزل من بيته ويذهب إلي البائع قبل أن يذهب إلي عمله.. دول أوروبا تتبع هذا النظام.. ويا ريت نقابة الصحفيين برئاسة الأخ الفاضل عبدالمحسن سلامة تدخل هذا النظام عندنا.
***
أعود إلي موضوع العمود "كيف ننهض بالصحافة"؟!
- لابد من زيادة التوزيع زيادة ضخمة.. لكي تكثر الإعلانات.. ليزداد إيراد الصحيفة.. هنا تقف الصحيفة علي قدميها.. وتنجح!!
-كيف يحدث هذا ؟!!!!
- وهذه هي مهمة المرحلة الجديدة.. كان عندنا صحفيون حقيقيون قبل إنشاء كليات الإعلام.
- قالوا زمان "الصحافة هي مهنة البحث عن المتاعب".. الآن "المتاعب تبحث عن الصحافة فلا تجدها"!!!! وهذه قصة أخري.