عباس الطرابيلى
زيادة القضاة.. لا تقليلهم!
لا أعرف اسم النائب- فى البرلمان- الذى قدم مشروعاً بالنزول بسن إحالة القضاة إلى التقاعد.. عند سن 60 عاماً.. وأغلب الظن أن هذا النائب لا يعرف كم يعانى المتقاضون من طول مدة نظر قضاياهم بسبب: نقص عدد القضاة.. وبالتالى نقص عدد الدوائر القضائية ولماذا نتعجب من تداول القضايا لسنوات عديدة.. بسبب نقص القضاة.. فهل هو من أهل مصر.. أم من كوكب آخر.. أم من المدينة الفاضلة حيث عدد القضايا أقل مما نتصور.. بسبب عدالة الحياة فى هذه.. الفاضلة، وربما لا يعرف هذا النائب أن القاضى لا يحال للتقاعدـ مهما بلغ عمره، إلا إذا رغب هو وبمحض إرادته.. وهذا النظام معمول به فى أمريكا.. وفى بريطانيا، وفى غيرهما.. لأن القاضى، عندما يصل عمره إلى الستين يكون قد نضج تماماً، واستوى، وأصبح يمتلك من الخبرة والقانون ما يسهل له سرعة نظر القضايا.. وهذا من أهم أسباب إطلاق عمر القضاة.
<< ودون أى تحيز.. أرى أن الكاتب أيضاً يجب ألا يخضع لحكاية سن التقاعد.. لأننا لو اتبعنا هذا الأسلوب نكون كمن يفقد الأمة عقلها وثروتها البشرية.. ولذلك لم نعد نرى من ترك للأمة ثروة فكرية كما فعل مفكرونا العظام «لطفى السيد تعدى التسعين» وطه حسين اقترب منها والعقاد.. وتوفيق الحكيم.. والزيات.. وحتى رجال الدين «الشيخ حسنين محمد مخلوف.. وكان مفتياً رائداً مات بعد أن تخطى المائة عام!» وهم عماد الأمة وفكرها وعظمتها.. حتى فى الصحافة: التابعى،وفكری أباظة، وجلال الحمامصى، ومصطفى أمين وهيكل: الباشا «محمد حسنين رئيس مجلس الشيوخ وهيكل الكاتب الصحفى، الذى تعدى أيضاً سن التسعين»!
<< وكان أولى بهذا النائب الحالى أن يقترح فتح باب تعيين عدد كبير من القضاة.. وتسهيل صعودهم السلم القضائى.. حتى يسهل لنا زيادة عدد الدوائر القضائية.. فلا تطول مدد نظر القضايا.. لأن تأخر الحكم بالعدل.. هو الظلم كله.. وحرام أن يمتد نظر قضية الى ما فوق العشر سنوات ـ فيموت «صاحب الحق».. أو يموت المتهم.. وتضيع الحقوق.
ولا أعرف لماذا لا نفكر فى القضاء المسائى، وليس فقط فى الأمور المستعجلة كالعرض على النيابة العامة.. لنظر الجنح البسيطة المرتبطة بالحياة اليومية، ولا نحتاج الى طول جلسات.. أيضاً لماذا لا تنعقد بعض الدوائر إلا بعد العاشرة صباحاً.. ولماذا ليس ذلك من الثامنة صباحاً. وأعتقد أن بعض الدول تأخذ أيضاً بنظام الجلسات المسائية لهذا الغرض وبالذات في قضايا الأحوال الشخصية والجنح والإجراءات.
<< اللهم.. إلا إذا كان هناك من يدفع هذا النائب لتقديم هذا المشروع لأسباب سياسية، أى انتقامية من.. القضاة، تماماً كما وجدنا من دفع النائب انطوان باسيلى عام 1957 ليقدم مشروعاً لتكميم الصحافة.. بحجة منع العيب فى الذات الملكية.. لولا تصدى نواب الوفد لهذا الباسيلى! أى أن هذا النائب يعيد إلينا ذكرى مذبحة القضاة الذين كانوا يعارضون عبدالناصر.
<< مطلوب تطوير نظام التقاضى.. بما يفتح الباب على إيجاد أعداد أكبر تساهم فى سرعة التقاضى.. وليس تقليل عدد القضاة بخفض سن إحالتهم للتقاعد.. وهل لابد من وجود ثلاثة قضاة ضمن هيئة قضاة المحكمة الواحدة.. حتى ولو كان ذلك ضمانة لمزيد من العدالة.. ألا يمكن أن يكونوا: اثنين فقط؟! فكروا.. لأن العدل البطيء ظلم رهيب.. ومنه لله هذا النائب الهمام!